responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 332
الحسن:" يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشاءُ" مَنْ جَاءَ أَجَلُهُ،" وَيُثْبِتُ" مَنْ لَمْ يَأْتِ أَجَلُهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: يَمْحُو الْآبَاءَ، وَيُثْبِتُ الْأَبْنَاءَ. وَعَنْهُ أَيْضًا. يُنْسِي الْحَفَظَةَ من الذنوب ولا ينسى. وقال السدي:" يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشاءُ" يَعْنِي: الْقَمَرَ،" وَيُثْبِتُ" يَعْنِي: الشَّمْسَ، بَيَانُهُ قَوْلُهُ:" فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً" [1] [الإسراء: 12] وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: هَذَا فِي الْأَرْوَاحِ حَالَةَ النَّوْمِ، يَقْبِضُهَا عِنْدَ النَّوْمِ، ثُمَّ إِذَا أَرَادَ مَوْتَهُ فَجْأَةً أَمْسَكَهُ، وَمَنْ أَرَادَ بَقَاءَهُ أَثْبَتَهُ وَرَدَّهُ إِلَى صَاحِبِهِ، بَيَانُهُ قَوْلُهُ:" اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها" [2] الآية [الزمر: 42]. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ مِنَ الْقُرُونِ، كَقَوْلِهِ:" أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ" [3] [يس: 31] وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ مِنْهَا، كَقَوْلِهِ:" ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ" [4] [المؤمنون: 31] فَيَمْحُو قَرْنًا، وَيُثْبِتُ قَرْنًا. وَقِيلَ: هُوَ الرَّجُلُ يَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ، ثُمَّ يَعْمَلُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَيَمُوتُ عَلَى ضَلَالِهِ، فَهُوَ الَّذِي يَمْحُو، وَالَّذِي يُثْبِتُ: الرَّجُلُ يَعْمَلُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ ثُمَّ يَتُوبُ، فَيَمْحُوهُ اللَّهُ مِنْ دِيوَانِ السَّيِّئَاتِ، وَيُثْبِتُهُ فِي دِيوَانِ الْحَسَنَاتِ، ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ- يَعْنِي الدُّنْيَا- وَيُثْبِتُ الْآخِرَةَ. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنْ رَجَبٍ: هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ فِيهِ مَا يَشَاءُ، وَيُثْبِتُ فِيهِ مَا يَشَاءُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي رَمَضَانَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ لِلَّهِ لَوْحًا مَحْفُوظًا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ، لَهَا دَفَّتَانِ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، لِلَّهِ فِيهِ [5] كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نَظْرَةً، يُثْبِتُ مَا يَشَاءُ وَيَمْحُو مَا يَشَاءُ. وَرَوَى أَبُو الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَفْتَحُ الذِّكْرَ فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ يَبْقَيْنَ مِنَ اللَّيْلِ فَيَنْظُرُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي لَا يَنْظُرُ فِيهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ فَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ وَيَمْحُو مَا يَشَاءُ". وَالْعَقِيدَةُ أَنَّهُ لَا تَبْدِيلَ لِقَضَاءِ اللَّهِ، وَهَذَا الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ مِمَّا سَبَقَ بِهِ الْقَضَاءُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مِنَ الْقَضَاءِ مَا يَكُونُ وَاقِعًا مَحْتُومًا، وَهُوَ الثَّابِتُ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ مَصْرُوفًا بِأَسْبَابٍ، وَهُوَ الْمَمْحُوُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الْغَزْنَوِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّ مَا فِي اللَّوْحِ خَرَجَ عَنِ الْغَيْبِ لِإِحَاطَةِ بَعْضِ الْمَلَائِكَةِ، فَيَحْتَمِلُ التَّبْدِيلَ، لِأَنَّ إِحَاطَةَ الْخَلْقِ بِجَمِيعِ عِلْمِ اللَّهِ مُحَالٌ، وَمَا فِي عِلْمِهِ مِنْ تَقْدِيرِ الْأَشْيَاءِ لَا يُبَدَّلُ." وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ" أصل ما كتب من الآجال

[1] راجع ج 10 ص 227. [ ..... ]
[2] راجع ج 15 ص 265 وص 22.
[3] راجع ج 15 ص 265 وص 22.
[4] راجع ج 12 ص 120 فما بعد.
[5] من ى.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 332
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست