responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 33
مَا تَصْنَعُ؟ قَالَ: أَبْنِي بَيْتًا يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ، فَعَجِبُوا مِنْ قَوْلِهِ وَسَخِرُوا مِنْهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ الطُّوفَانِ نَهْرٌ وَلَا بَحْرٌ، فَلِذَلِكَ سَخِرُوا مِنْهُ، وَمِيَاهُ الْبِحَارِ هِيَ بَقِيَّةُ الطُّوفَانِ. (قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا) أَيْ مِنْ فِعْلِنَا الْيَوْمَ عِنْدَ بناء السفينة. (فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ) غَدًا عِنْدَ الْغَرَقِ. وَالْمُرَادُ بِالسُّخْرِيَةِ هُنَا الِاسْتِجْهَالُ، ومعناه إن تستجهلونا فإنا نستجهلكم كما تستجهلونا. قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ) تهديد، و" مَنْ" متصلة ب" فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ" وَ" تَعْلَمُونَ" هُنَا مِنْ بَابِ التَّعْدِيَةِ إِلَى مَفْعُولٍ، أَيْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ الَّذِي يَأْتِيهِ الْعَذَابُ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ" مَنْ" اسْتِفْهَامِيَّةً، أَيْ أَيُّنَا يَأْتِيهِ الْعَذَابُ؟. وَقِيلَ:" مَنْ" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ وَ" يَأْتِيهِ" الْخَبَرُ، وَ" يُخْزِيهِ" صِفَةٌ لِ" عَذابٌ". وَحَكَى الْكِسَائِيُّ: أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ يَقُولُونَ: سَوْ تَعْلَمُونَ، وَقَالَ مَنْ قَالَ:" سَتَعْلَمُونَ" أَسْقَطَ الْوَاوَ وَالْفَاءَ جَمِيعًا. وَحَكَى الْكُوفِيُّونَ: سَفْ [1] تَعْلَمُونَ، وَلَا يَعْرِفُ الْبَصْرِيُّونَ إِلَّا سَوْفَ تَفْعَلُ، وَسَتَفْعَلُ لُغَتَانِ لَيْسَتْ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْأُخْرَى (وَيَحِلُّ عَلَيْهِ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَيَنْزِلُ بِهِ. (عَذابٌ مُقِيمٌ) أَيْ دَائِمٌ، يُرِيدُ عَذَابَ الْآخِرَةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ) اخْتُلِفَ فِي التَّنُّورِ عَلَى أَقْوَالٍ سَبْعَةٍ: الْأَوَّلُ- أَنَّهُ وَجْهُ الْأَرْضِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي وَجْهَ الْأَرْضِ تَنُّورًا، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَالزُّهْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إِذَا رَأَيْتَ الْمَاءَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَارْكَبْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ. الثَّانِي- أَنَّهُ تَنُّورُ الْخُبْزِ الَّذِي يُخْبَزُ فِيهِ، وَكَانَ تَنُّورًا مِنْ حِجَارَةٍ، وَكَانَ لِحَوَّاءَ حَتَّى صَارَ لِنُوحٍ، فَقِيلَ لَهُ: إِذَا رَأَيْتَ الْمَاءَ يَفُورُ مِنَ التَّنُّورِ فَارْكَبْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ. وَأَنْبَعَ اللَّهُ الْمَاءَ مِنَ التَّنُّورِ، فَعَلِمَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ فَقَالَتْ: يَا نُوحُ فَارَ الْمَاءُ مِنَ التَّنُّورِ، فَقَالَ: جَاءَ وَعْدُ ربي حقا. وهذا قول الحسن، وقال مُجَاهِدٌ وَعَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. الثَّالِثُ- أَنَّهُ

[1] ورد في اللسان: قد قالوا سو يكون فحذفوا اللام، وسا يكون فحذفوا اللام وأبدلوا العين طلب الخفة، وسف يكون فحذفوا العين.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 33
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست