responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 308
اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ حِينَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ صُلْبِ أَبِيهِمْ آدَمَ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: هُوَ مَا رُكِّبَ فِي عُقُولِهِمْ مِنْ دَلَائِلَ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّاتِ. الثَّانِيَةُ- رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ فَقَالَ:" أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وَكُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِبَيْعَةٍ [1] فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ [حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ [2]] فَعَلَى مَاذَا نُبَايِعُكَ؟ قَالَ:" أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَتُصَلُّوا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَتَسْمَعُوا وَتُطِيعُوا- وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً- قَالَ: لَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا". قَالَ: وَلَقَدْ كَانَ بَعْضُ أُولَئِكَ النَّفَرُ يَسْقُطُ- سَوْطُهُ فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا أَنْ يُنَاوِلَهُ إِيَّاهُ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مِنْ أَعْظَمِ الْمَوَاثِيقِ فِي الذِّكْرِ أَلَّا يُسْأَلَ سِوَاهُ، فَقَدْ كَانَ أَبُو حَمْزَةَ الْخُرَاسَانِيُّ مِنْ كِبَارِ الْعُبَّادِ سَمِعَ أَنَّ أُنَاسًا بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَّا يَسْأَلُوا أَحَدًا شَيْئًا، الْحَدِيثَ، فَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ: رَبِّ! إِنَّ هَؤُلَاءِ عَاهَدُوا نَبِيَّكَ إِذْ رَأَوْهُ، وَأَنَا أُعَاهِدُكَ أَلَّا أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا، قَالَ: فَخَرَجَ حَاجًّا مِنَ الشَّامِ يُرِيدُ مَكَّةَ فَبَيْنَمَا هُوَ يَمْشِي فِي الطَّرِيقِ مِنَ اللَّيْلِ إِذْ بَقِيَ عَنْ أَصْحَابِهِ لِعُذْرٍ ثُمَّ أَتْبَعَهُمْ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَمْشِي إِلَيْهِمْ إِذْ سَقَطَ فِي بِئْرٍ عَلَى حَاشِيَةِ الطَّرِيقِ، فَلَمَّا حَلَّ فِي قَعْرِهِ قَالَ: أَسْتَغِيثُ لَعَلَّ أَحَدًا يَسْمَعُنِي. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الَّذِي عَاهَدْتُهُ يَرَانِي وَيَسْمَعُنِي، وَاللَّهِ! لَا تَكَلَّمْتُ بِحَرْفٍ لِلْبَشَرِ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا إِذْ مَرَّ بِذَلِكَ الْبِئْرِ نَفَرٌ، فَلَمَّا رَأَوْهُ عَلَى حَاشِيَةِ الطَّرِيقِ قَالُوا: إِنَّهُ لَيَنْبَغِي سَدُّ هَذَا الْبِئْرِ، ثُمَّ قَطَعُوا خَشَبًا وَنَصَبُوهَا عَلَى فَمِ الْبِئْرِ وَغَطَّوْهَا بِالتُّرَابِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو حَمْزَةَ قَالَ: هَذِهِ مَهْلَكَةٌ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَسْتَغِيثَ بِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ! لَا أَخْرُجُ مِنْهَا أَبَدًا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ عَاهَدْتَ مَنْ يَرَاكَ؟ فَسَكَتَ وَتَوَكَّلَ، ثُمَّ اسْتَنَدَ فِي قَعْرِ الْبِئْرِ مُفَكِّرًا فِي أَمْرِهِ، فَإِذَا بِالتُّرَابِ يَقَعُ عَلَيْهِ، وَالْخَشَبِ يُرْفَعُ عَنْهُ، وَسَمِعَ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ مِنْ يَقُولُ: هَاتِ يَدَكَ! قَالَ: فَأَعْطَيْتُهُ يَدِي فَأَقَلَّنِي فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ إِلَى فَمِ الْبِئْرِ، فَخَرَجْتُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، فَسَمِعْتُ هَاتِفًا يقول: كيف رأيت ثمرة التوكل، وأنشد:

[1] في و: ببيعته.
[2] الزيادة من كتب الحديث.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 308
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست