responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 306
" سُوقِ الْعَرُوسِ" [1] إِنْ صَحَّ هَذَا التَّفْسِيرُ فَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مَثَّلَ الْقُرْآنَ بِالْمَاءِ. وَمَثَّلَ الْقُلُوبَ بِالْأَوْدِيَةِ، وَمَثَّلَ الْمُحْكَمَ بِالصَّافِي، وَمَثَّلَ الْمُتَشَابِهَ بِالزَّبَدِ. وَقِيلَ: الزَّبَدُ مَخَايِلُ النَّفْسِ وَغَوَائِلُ الشَّكِّ تَرْتَفِعُ مِنْ حَيْثُ مَا فِيهَا فَتَضْطَرِبُ مِنْ سُلْطَانِ تِلَعِهَا، كَمَا أَنَّ مَاءَ السَّيْلِ يَجْرِي صَافِيًا فَيَرْفَعُ مَا يَجِدُ فِي الْوَادِي بَاقِيًا، وَأَمَّا حِلْيَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَمِثْلُ الْأَحْوَالِ السُّنِّيَّةِ. وَالْأَخْلَاقِ الزَّكِيَّةِ، الَّتِي بِهَا جَمَالُ الرِّجَالِ، وَقَوَامُ صَالِحِ الْأَعْمَالِ، كَمَا أَنَّ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ زِينَةُ النِّسَاءِ. وَبِهِمَا قِيمَةُ الْأَشْيَاءِ. وَقَرَأَ حُمَيْدٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَيَحْيَى وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ،" يُوقِدُونَ" بِالْيَاءِ وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، لِقَوْلِهِ:" يَنْفَعُ النَّاسَ" فَأَخْبَرَ، وَلَا مُخَاطَبَةَ هَاهُنَا. الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ لِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ:" أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ" [الرعد: 16] الآية. وَقَوْلُهُ:" فِي النَّارِ" مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَذُو الْحَالِ الْهَاءُ الَّتِي فِي" عَلَيْهِ" التَّقْدِيرُ: وَمِمَّا تُوقِدُونَ عَلَيْهِ ثَابِتًا فِي النَّارِ أَوْ كَائِنًا. وَفِي قَوْلِهِ:" فِي النَّارِ" ضَمِيرٌ مَرْفُوعٌ يَعُودُ إِلَى الْهَاءِ الَّتِي هِيَ اسْمُ ذِي الْحَالِ وَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَتَعَلَّقَ" فِي النَّارِ" بِ" يُوقِدُونَ" مِنْ حَيْثُ لَا يَسْتَقِيمُ أَوْقَدْتُ عَلَيْهِ فِي النَّارِ، لِأَنَّ الْمُوقَدَ عَلَيْهِ يَكُونُ فِي النَّارِ، فَيَصِيرُ قَوْلُهُ:" فِي النَّارِ" غير مقيد. وَقَوْلُهُ:" ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ" مَفْعُولٌ لَهُ." زَبَدٌ مِثْلُهُ" ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ، أَيْ زَبَدٌ مِثْلُ زَبَدِ السَّيْلِ. وَقِيلَ: إِنَّ خَبَرَ" زَبَدٌ" قَوْلُهُ:" فِي النَّارِ" الْكِسَائِيُّ:" زَبَدٌ" ابْتِدَاءٌ، وَ" مِثْلُهُ" نَعْتٌ لَهُ، وَالْخَبَرُ فِي الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ، وَهُوَ" مِمَّا يُوقِدُونَ". (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ) أَيْ كَمَا بَيَّنَ لَكُمْ هَذِهِ الْأَمْثَالَ فَكَذَلِكَ يَضْرِبُهَا بَيِّنَاتٍ. تَمَّ الْكَلَامُ، ثُمَّ قَالَ: (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ) أَيْ أَجَابُوا، وَاسْتَجَابَ بِمَعْنَى أَجَابَ، قَالَ «[2]»:
فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبٌ

وَقَدْ تَقَدَّمَ، أَيْ أَجَابَ إِلَى مَا دَعَاهُ اللَّهُ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّاتِ. (الْحُسْنى) لِأَنَّهَا فِي نِهَايَةِ الْحُسْنِ. وَقِيلَ: مِنَ الْحُسْنَى النَّصْرُ فِي الدُّنْيَا، وَالنَّعِيمُ الْمُقِيمُ غدا. (وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ)

[1] هو: أبو معشر عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري، نزيل مكة المكرمة، المتوفى بها سنة 478 وكتابه" سوق العروس" في علم القراءات. (كشف الظنون).
[2] هو كعب بن سعد الغنوي يرثى أخاه أبا المغوار، وصدر البيت:
وَدَاعٍ دَعَا يَا مَنْ يُجِيبُ إِلَى النِّدَى
.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 306
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست