responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 299
فَاسْتَعْظَمَ ذَلِكَ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَأَعْلَمُهُ، فَقَالَ:" ارْجِعْ إِلَيْهِ فَادْعُهُ" فَرَجَعَ إِلَيْهِ وَقَدْ أَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ، وَعَادَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ نَزَلَ:" وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ". (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ:" الْمِحالِ" الْمَكْرُ، وَالْمَكْرُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ التَّدْبِيرُ بِالْحَقِّ. النَّحَّاسُ: الْمَكْرُ مِنَ اللَّهِ إِيصَالُ الْمَكْرُوهِ إِلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ. وَرَوَى ابْنُ الْيَزِيدِيِّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ" وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ" أَيِ النِّقْمَةِ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ:" الْمِحالِ" أَيِ الْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ. وَالْمَحْلُ: الشِّدَّةُ، الْمِيمُ أَصْلِيَّةٌ، وما حلت فُلَانًا مِحَالًا أَيْ قَاوَيْتُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَيُّنَا أَشَدُّ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ:" الْمِحالِ" الْعُقُوبَةُ وَالْمَكْرُوهُ. وقال ابن عرفة:" الْمِحالِ" الجدال، يقال: ما حل عَنْ أَمْرِهِ أَيْ جَادَلَ. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَيْ شَدِيدُ الْكَيْدِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْحِيلَةِ، جُعِلَ مِيمُهُ كَمِيمِ الْمَكَانِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْكَوْنِ، ثُمَّ يُقَالُ: تَمَكَّنْتُ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: غَلِطَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّ الْمِيمَ فِيهِ زَائِدَةٌ، بَلْ هِيَ أَصْلِيَّةٌ، وَإِذَا رَأَيْتَ الْحَرْفَ عَلَى مِثَالِ فِعَالٍ أَوَّلُهُ مِيمٌ مَكْسُورَةٌ فَهِيَ أَصْلِيَّةٌ، مِثْلُ: مِهَادٌ وَمِلَاكٌ وَمِرَاسٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْحُرُوفِ. وَمِفْعَلٌ إِذَا كَانَتْ من بنات الثلاثة فإنه يجئ بِإِظْهَارِ الْوَاوِ [1] مِثْلَ: مِزْوَدٌ وَمِحْوَلٌ وَمِحْوَرٌ، وَغَيْرُهَا مِنَ الْحُرُوفِ، وَقَالَ [2]: وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ-" وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ" بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَجَاءَ تَفْسِيرُهُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ الْحَوْلُ، ذَكَرَ هَذَا كُلَّهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ، إِلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، وَأَقَاوِيلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِمَعْنَاهَا، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ: أَوَّلُهَا- شَدِيدُ الْعَدَاوَةِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَثَانِيهَا- شَدِيدُ الْحَوْلِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا. وَثَالِثُهَا- شَدِيدُ الْأَخْذِ، قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَرَابِعُهَا- شَدِيدُ الْحِقْدِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَخَامِسُهَا- شَدِيدُ الْقُوَّةِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَسَادِسُهَا- شَدِيدُ الْغَضَبِ، قَالَهُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ. وَسَابِعُهَا- شَدِيدُ الْهَلَاكِ بِالْمَحْلِ، وَهُوَ الْقَحْطُ، قَالَهُ الْحَسَنُ أَيْضًا. وَثَامِنُهَا- شَدِيدُ الْحِيلَةِ، قَالَهُ قتادة. وقال أبو عبيدة معمر: الْمِحَالُ وَالْمُمَاحَلَةُ الْمُمَاكَرَةُ وَالْمُغَالَبَةُ، وَأَنْشَدَ لِلْأَعْشَى:
فَرْعُ نَبْعٍ يَهْتَزُّ فِي غُصْنِ الْمَجْ ... دِ كَثِيرُ الندى شديد المحال

[1] أي والياء في ذوات الياء كالمعير والمزيل. كما في اللسان.
[2] أي الأزهري كما في اللسان مادة" محل".
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 299
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست