responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 29
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) يَعْنُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. افْتَرَى افْتَعَلَ، أَيِ اخْتَلَقَ الْقُرْآنَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نُوحٍ وَقَوْمِهِ، قَالَ مُقَاتِلٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ مِنْ مُحَاوَرَةِ نُوحٍ لِقَوْمِهِ وَهُوَ أَظْهَرُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ إِلَّا ذِكْرُ نُوحٍ وَقَوْمِهِ، فَالْخِطَابُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ. (قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ) أَيِ اخْتَلَقْتُهُ وَافْتَعَلْتُهُ، يَعْنِي الْوَحْيَ وَالرِّسَالَةَ. (فَعَلَيَّ إِجْرامِي) أَيْ عِقَابُ إِجْرَامِي، وَإِنْ كُنْتُ مُحِقًّا فِيمَا أَقُولُهُ فَعَلَيْكُمْ عِقَابُ تَكْذِيبِي. وَالْإِجْرَامُ مَصْدَرُ أَجْرَمَ، وَهُوَ اقْتِرَافُ السَّيِّئَةِ. وَقِيلَ [الْمَعْنَى [1]]: أَيْ جَزَاءُ جُرْمِي وَكَسْبِي. وَجَرَمَ وَأَجْرَمَ بِمَعْنًى، عَنِ النَّحَّاسِ وَغَيْرِهِ. قَالَ «[2]»:
طَرِيدُ عَشِيرَةٍ وَرَهِينُ جُرْمٍ ... بِمَا جَرَمَتْ يَدِي وَجَنَى لِسَانِي
وَمَنْ قَرَأَ" أَجْرَامِي" بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ جَمْعُ جُرْمَ، وَذَكَرَهُ النَّحَّاسُ أَيْضًا. (وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) أي من الكفر والتكذيب.

[سورة هود (11): الآيات 36 الى 37]
وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) " أَنَّهُ" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: بِ" أَنَّهُ". وَ" آمَنَ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِ" يُؤْمِنَ" وَمَعْنَى الْكَلَامِ الْإِيَاسُ مِنْ إِيمَانِهِمْ، وَاسْتِدَامَةُ كُفْرِهِمْ، تَحْقِيقًا لِنُزُولِ الْوَعِيدِ بِهِمْ. قَالَ الضَّحَّاكُ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ لَمَّا أُخْبِرَ بِهَذَا فَقَالَ:" رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً" [3] [نوح: 26] الْآيَتَيْنِ. وَقِيلَ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ قَوْمِ نُوحٍ حَمَلَ ابْنَهُ عَلَى كَتِفِهِ، فَلَمَّا رَأَى الصَّبِيُّ نُوحًا قَالَ لِأَبِيهِ: اعْطِنِي حَجَرًا، فَأَعْطَاهُ حَجَرًا، وَرَمَى بِهِ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَدْمَاهُ، فَأَوْحَى الله تعالى إليه

[1] من ع وى.
[2] البيت للهيردان السعدي أحد لصوص بنى سعد. (اللسان).
[3] راجع ج 18 ص 312.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست