responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 286
لَا شَرِيكَ لَهُ، وَذَكَرْنَا هُنَاكَ حَدِيثَ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ" الْحَدِيثَ. وَفِيهِ" لَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ إِلَّا اللَّهُ". واختلف العلماء في تأويل قول: (وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ) فَقَالَ قَتَادَةُ: الْمَعْنَى مَا تَسْقُطُ قَبْلَ التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ، وَمَا تَزْدَادُ فَوْقَ التِّسْعَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِي حَمْلِهَا كَانَ ذَلِكَ نُقْصَانًا فِي وَلَدِهَا، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى التِّسْعَةِ كَانَ تَمَامًا لِمَا نَقَصَ، وَعَنْهُ: الْغَيْضُ مَا تُنْقِصُهُ الْأَرْحَامُ مِنَ الدَّمِ، وَالزِّيَادَةُ ما تزداد منه. وقيل: الغيض والزياد. يَرْجِعَانِ إِلَى الْوَلَدِ، كَنُقْصَانِ إِصْبَعٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَزِيَادَةِ إِصْبَعٍ أَوْ غَيْرِهَا. وَقِيلَ: الْغَيْضُ انْقِطَاعُ دَمِ الْحَيْضِ." وَما تَزْدادُ" بِدَمِ النِّفَاسِ بَعْدَ الْوَضْعِ. الثَّانِيَةُ- فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُمَا: لَا تَحِيضُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَدَلِيلُهُ الْآيَةُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَأْوِيلِهَا: إِنَّهُ حَيْضُ الْحَبَالَى، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ، وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ، وَأَنَّهَا كَانَتْ تُفْتِي النِّسَاءَ الْحَوَامِلَ إِذَا حِضْنَ أَنْ يَتْرُكْنَ الصَّلَاةَ، وَالصَّحَابَةُ إِذْ ذَاكَ مُتَوَافِرُونَ، وَلَمْ يُنْكِرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ عَلَيْهَا، فَصَارَ كَالْإِجْمَاعِ، قَالَهُ [1] ابْنُ الْقَصَّارِ. وَذُكِرَ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا وَلَدًا، فَتَرَافَعَا إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَرَضَهُ عَلَى الْقَافَةِ، فَأَلْحَقَهُ الْقَافَةُ بِهِمَا، فَعَلَاهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ، وَسَأَلَ نِسْوَةً مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ: انْظُرْنَ مَا شَأْنُ هَذَا الْوَلَدِ؟ فَقُلْنَ: إِنَّ الْأَوَّلَ خَلَا بِهَا وَخَلَّاهَا، فَحَاضَتْ عَلَى الْحَمْلِ، فَظَنَّتْ أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ، فَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي، فَانْتَعَشَ الْوَلَدُ بِمَاءِ الثَّانِي، فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُ أَكْبَرُ! وَأَلْحَقَهُ بِالْأَوَّلِ، وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ، وَلَا قَالَ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَدَلَّ أَنَّهُ إِجْمَاعٌ، والله أعلم. احتج المخالف بأن قال لو كان الْحَامِلُ تَحِيضُ، وَكَانَ مَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ مِنَ الدَّمِ حَيْضًا لَمَا صَحَّ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ بِحَيْضٍ، وَهُوَ إِجْمَاعٌ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ. الثَّالِثَةُ- فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ قَدْ تَضَعُ حَمْلَهَا لِأَقَلِّ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَأَكْثَرَ، وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ ولد لستة أشهر.

[1] في الطبعة الأولى: قاله ابن عباس قال ابن القصار. وليست عبارة الأصول كذلك لهذا حذفناها.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 286
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست