responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 282
الثَّالِثَةُ- ذَهَبَتِ الْكَفَرَةُ- لَعَنَهُمُ اللَّهُ- إِلَى أَنَّ كُلَّ حَادِثٍ يَحْدُثُ بِنَفْسِهِ لَا مِنْ صَانِعٍ، وَادَّعَوْا ذَلِكَ فِي الثِّمَارِ الْخَارِجَةِ مِنَ الْأَشْجَارِ، وَقَدْ أَقَرُّوا بِحُدُوثِهَا، وَأَنْكَرُوا مُحْدِثَهَا، وَأَنْكَرُوا الْأَعْرَاضَ. وقالت فرقة: بحدوث الثمار لأمن صَانِعٍ، وَأَثْبَتُوا لِلْأَعْرَاضِ فَاعِلًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْحَادِثَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ أَنَّهُ يَحْدُثُ فِي وَقْتٍ، وَيَحْدُثُ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ فِي وَقْتٍ آخَرَ، فَلَوْ كَانَ حُدُوثُهُ فِي وَقْتِهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِهِ لَوَجَبَ أَنْ يَحْدُثَ فِي وَقْتِهِ كُلُّ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ، وَإِذَا بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ بِوَقْتِهِ صَحَّ أَنَّ اخْتِصَاصَهُ بِهِ لِأَجْلٍ مُخَصِّصٍ خَصَّصَهُ بِهِ، وَلَوْلَا تَخْصِيصُهُ إِيَّاهُ بِهِ لَمْ يَكُنْ حُدُوثُهُ فِي وَقْتِهِ أَوْلَى مِنْ حُدُوثِهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ، وَاسْتِيفَاءُ هَذَا فِي عِلْمِ الْكَلَامِ. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تعالى: (وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ) قرأ الْحَسَنُ" وَجَنَّاتٍ" بِكَسْرِ التَّاءِ، عَلَى التَّقْدِيرِ: وَجَعَلَ فِيهَا جَنَّاتٍ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى قَوْلِهِ:" وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ". وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَجْرُورَةً عَلَى الْحَمْلِ عَلَى" كُلِّ" التَّقْدِيرُ: وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ، وَمِنْ جَنَّاتٍ. الْبَاقُونَ:" جَنَّاتٌ" بِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ: وَبَيْنَهُمَا جَنَّاتٌ. (وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ) بِالرَّفْعِ. ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَفْصٌ عَطْفًا عَلَى الْجَنَّاتِ، أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ: وَفِي الْأَرْضِ زَرْعٌ وَنَخِيلٌ. وَخَفَضَهَا الْبَاقُونَ نَسَقًا عَلَى الْأَعْنَابِ، فَيَكُونُ الزَّرْعُ وَالنَّخِيلُ مِنَ الْجَنَّاتِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى" كُلِّ" حَسَبَ مَا تَقَدَّمَ فِي" وَجَنَّاتٌ". وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ وَالسُّلَمِيُّ وَغَيْرُهُمَا" صُنْوَانٌ" بِضَمِّ الصَّادِ، الْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَهُمَا جَمْعُ صِنْوٍ، وَهِيَ النَّخَلَاتُ وَالنَّخْلَتَانِ، يَجْمَعُهُنَّ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَتَتَشَعَّبُ مِنْهُ رُءُوسٌ فَتَصِيرُ نَخِيلًا، نَظِيرُهَا قِنْوَانِ، وَاحِدُهَا قِنْوٌ. وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: الصِّنْوَانِ الْمُجْتَمِعِ، وَغَيْرُ الصِّنْوَانِ الْمُتَفَرِّقُ، النَّحَّاسُ: وَكَذَلِكَ هُوَ فِي اللُّغَةِ، يُقَالُ لِلنَّخْلَةِ إِذَا كَانَتْ فِيهَا نَخْلَةٌ أُخْرَى أَوْ أَكْثَرُ صِنْوَانٌ. وَالصِّنْوُ الْمِثْلُ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ". وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ، وَلَا بِالْإِعْرَابِ، فَتُعْرَبُ نُونُ الْجَمْعِ، وَتُكْسَرُ نُونُ التَّثْنِيَةِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
الْعِلْمُ وَالْحِلْمُ خُلَّتَا كَرَمٍ ... لِلْمَرْءِ زَيْنٌ إِذَا هُمَا اجْتَمَعَا
صِنْوَانِ لَا يُسْتَتَمُّ حُسْنُهُمَا ... إِلَّا بِجَمْعِ ذَا وَذَاكَ مَعَا

اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 282
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست