responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 261
وَيُقَالُ: أَفْنَدَ فُلَانًا الدَّهْرُ إِذَا أَفْسَدَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ مُقْبِلٍ:
دَعِ الدَّهْرَ يَفْعَلْ مَا أَرَادَ فَإِنَّهُ ... إِذَا كُلِّفَ الْإِفْنَادَ بِالنَّاسِ أَفْنَدَا
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) أَيْ لَفِي ذَهَابٍ عَنْ طَرِيقِ الصَّوَابِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ زَيْدٍ: لَفِي خَطَئِكَ الْمَاضِي مِنْ حُبِّ يُوسُفَ لَا تَنْسَاهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَفِي جُنُونِكَ الْقَدِيمِ. قَالَ الْحَسَنُ: وَهَذَا عُقُوقٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَسُفْيَانُ: لَفِي مَحَبَّتِكَ الْقَدِيمَةِ. وَقِيلَ: إِنَّمَا قَالُوا هَذَا، لِأَنَّ يُوسُفَ عِنْدَهُمْ كَانَ قَدْ مَاتَ. وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي قَالَ لَهُ ذَلِكَ مَنْ بَقِيَ مَعَهُ مِنْ وَلَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمُ الْخَبَرُ. وَقِيلَ: قَالَ لَهُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَقَرَابَتِهِ. وَقِيلَ: بَنُو بَنِيهِ وَكَانُوا صِغَارًا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ) أَيْ عَلَى عَيْنَيْهِ. (فَارْتَدَّ بَصِيراً) " أَنْ" زَائِدَةٌ، وَالْبَشِيرُ قِيلَ هُوَ شَمْعُونُ. وَقِيلَ: يَهُوذَا قَالَ: أَنَا أَذْهَبُ بِالْقَمِيصِ الْيَوْمَ كَمَا ذَهَبْتُ بِهِ مُلَطَّخًا بِالدَّمِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَعَنِ السُّدِّيِّ أَنَّهُ قَالَ لِإِخْوَتِهِ: قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي ذَهَبْتُ إِلَيْهِ بِقَمِيصِ التَّرْحَةِ فَدَعُونِي أَذْهَبْ إِلَيْهِ بِقَمِيصِ الْفَرْحَةِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ عَنْ سُفْيَانَ: لَمَّا جَاءَ الْبَشِيرُ إِلَى يَعْقُوبَ قَالَ لَهُ: عَلَى أَيِّ دِينٍ تَرَكْتَ يُوسُفَ؟ قَالَ: عَلَى الْإِسْلَامِ، قَالَ: الْآنَ تَمَّتِ النِّعْمَةُ، وَقَالَ الْحَسَنُ: لَمَّا وَرَدَ الْبَشِيرُ عَلَى يَعْقُوبَ لَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ شَيْئًا يُثِيبُهُ بِهِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَصَبْتَ عِنْدَنَا شَيْئًا، وَمَا خَبَزْنَا شَيْئًا مُنْذُ سَبْعِ لَيَالٍ، وَلَكِنْ هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْكَ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ. قُلْتُ: وَهَذَا الدُّعَاءُ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَكُونُ مِنَ الْجَوَائِزِ، وَأَفْضَلِ الْعَطَايَا وَالذَّخَائِرِ. وَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى جَوَازِ الْبَذْلِ وَالْهِبَاتِ عِنْدَ الْبَشَائِرِ. وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ- الطَّوِيلُ- وَفِيهِ:" فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ بِبِشَارَتِهِ" وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِكَمَالِهِ فِي قِصَّةِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا [1]، وَكِسْوَةُ كَعْبٍ ثَوْبَيْهِ لِلْبَشِيرِ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُمَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ مِثْلِ ذَلِكَ إِذَا ارْتَجَى حُصُولَ ما يستبشر به. وهو دليل على

[1] راجع ج 8 ص 282 فما بعد.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 261
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست