responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 26
بِهَذَا الْقَوْلِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ. وَحَكَى الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ" أَنُلْزِمْكُمُوهَا" بِإِسْكَانِ الْمِيمِ الْأُولَى تَخْفِيفًا، وَقَدْ أَجَازَ مِثْلَ هَذَا سِيبَوَيْهِ، وَأَنْشَدَ «[1]»:
فَالْيَوْمَ أَشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ ... إِثْمًا مِنَ اللَّهِ وَلَا وَاغِلِ
وَقَالَ النَّحَّاسُ: وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ يُونُسَ [فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ [2] [أَنُلْزِمُكُمُهَا يَجْرِي الْمُضْمَرُ مَجْرَى الْمُظْهَرِ، كَمَا تَقُولُ: أَنُلْزِمُكُمْ ذَلِكَ. (وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) أَيْ لَا يَصِحُّ قَبُولُكُمْ لَهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَيْهَا. قَالَ قَتَادَةُ: وَاللَّهِ لَوِ اسْتَطَاعَ نَبِيُّ اللَّهِ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَأَلْزَمَهَا قَوْمَهُ وَلَكِنَّهُ لم يملك ذلك. (وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّبْلِيغِ، وَالدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ، وَالْإِيمَانِ بِهِ] أَجْرًا [3] أَيْ [(مَالًا) فَيَثْقُلُ عَلَيْكُمْ. (إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ) أَيْ ثَوَابِي فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ. (وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا) سَأَلُوهُ أَنْ يَطْرُدَ الْأَرَاذِلَ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ، كَمَا سَأَلَتْ قُرَيْشٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطْرُدَ الْمَوَالِيَ وَالْفُقَرَاءَ، حَسْبَ مَا تَقَدَّمَ فِي" الْأَنْعَامِ" [4] بَيَانُهُ، فَأَجَابَهُمْ بِقَوْلِهِ: (وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ هَذَا عَلَى وَجْهِ الْإِعْظَامِ لَهُمْ بِلِقَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَامِ، أَيْ لَوْ فَعَلْتُ ذَلِكَ لَخَاصَمُونِي عِنْدَ اللَّهِ، فَيُجَازِيهِمْ عَلَى إِيمَانِهِمْ، وَيُجَازِي مَنْ طَرَدَهُمْ. (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) فِي اسْتِرْذَالِكُمْ لَهُمْ، وَسُؤَالِكُمْ طَرْدَهُمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ) قَالَ الْفَرَّاءُ: أَيْ يَمْنَعُنِي مِنْ عَذَابِهِ. (إِنْ طَرَدْتُهُمْ) أَيْ لِأَجْلِ إِيمَانِهِمْ. (أَفَلا تَذَكَّرُونَ [5]) أُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الذَّالِ. وَيَجُوزُ حَذْفُهَا فَتَقُولُ: تَذَكَّرُونَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) أَخْبَرَ بِتَذَلُّلِهِ وَتَوَاضُعِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنَّهُ لَا يَدَّعِي مَا لَيْسَ لَهُ مِنْ خَزَائِنِ اللَّهِ، وهي إنعامه على من يشاء

[1] البيت لامرئ القيس، والشاهد فيه تسكين الباء من قوله (أشرب) في حال الرفع والوصل. احتقب الإثم واستحقبه احتمله. والواغل الداخل على الشراب ولم يدع له. يقول: حلت لي فلا آثم بشربها إذ قد وفيت بنذري فيها. وكان قد نذر ألا يشربها حتى يدرك ثأر أبيه.
[2] الزيادة عن النحاس.
[3] من ع وك وى.
[4] راجع ج 6 ص 431 وما بعدها.
[5] قراءة نافع.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست