responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 241
[سورة يوسف (12): آية 80]
فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (80)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ) أَيْ يَئِسُوا، مِثْلُ عَجِبَ وَاسْتَعْجَبَ، وَسَخِرَ وَاسْتَسْخَرَ. (خَلَصُوا) أَيِ انْفَرَدُوا وَلَيْسَ هُوَ مَعَهُمْ. (نَجِيًّا) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْمُضْمَرِ فِي" خَلَصُوا" وَهُوَ وَاحِدٌ يُؤَدِّي عَنْ جَمْعٍ، كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَيَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا" [1] [مريم: 52] وَجَمْعُهُ أَنْجِيَةٌ، قَالَ الشَّاعِرُ «[2]»:
إِنِّي إِذَا مَا الْقَوْمُ كَانُوا أَنْجِيَهْ ... وَاضْطَرَبَ الْقَوْمُ اضْطِرَابَ الْأَرْشِيَهْ
هُنَاكَ أَوْصِينِي وَلَا تُوصِي بِيَهْ

وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ:" اسْتَايَسُوا"" وَلَا تَايَسَوا"" إِنَّهُ لَا يَايَسُ"" أَفَلَمْ يَايَسْ" بِأَلِفٍ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ عَلَى الْقَلْبِ، قُدِّمَتِ الْهَمْزَةُ وَأُخِّرَتِ الْيَاءُ، ثُمَّ قُلِبَتِ الْهَمْزَةُ أَلِفًا لِأَنَّهَا سَاكِنَةٌ قَبْلَهَا فَتْحَةٌ، وَالْأَصْلُ قِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ، لِأَنَّ الْمَصْدَرَ مَا جَاءَ إِلَّا عَلَى تَقْدِيمِ الْيَاءِ- يَأْسًا- وَالْإِيَاسَ لَيْسَ بِمَصْدَرِ أَيِسَ، بَلْ هُوَ مَصْدَرٌ أُسْتُهُ أَوْسًا وَإِيَاسًا أَيْ أَعْطَيْتُهُ. وَقَالَ قَوْمٌ: أَيِسَ وَيَئِسَ لُغَتَانِ، أَيْ فَلَمَّا يَئِسُوا مِنْ رَدِّ أَخِيهِمْ إِلَيْهِمْ تَشَاوَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ لَا يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ مِنَ النَّاسِ، يَتَنَاجَوْنَ فِيمَا عَرَضَ لَهُمْ. وَالنَّجِيُّ فَعِيلٌ بِمَعْنَى الْمُنَاجِي. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ كَبِيرُهُمْ) قَالَ قَتَادَةُ: وَهُوَ رُوبِيلُ، كَانَ أَكْبَرَهُمْ فِي السِّنِّ. مُجَاهِدٌ: هُوَ شَمْعُونُ، كَانَ أَكْبَرَهُمْ فِي الرَّأْيِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَهُوذَا، وَكَانَ أَعْقَلَهُمْ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ: هُوَ لَاوِي، وَهُوَ أَبُو الْأَنْبِيَاءِ. (أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ)

[1] راجع ج 11 ص 113.
[2] هو سحيم بن وثيل اليربوعي يصف قوما أتعبهم السير والسفر فرقدوا على ركابهم واظطربوا عليها، وشد بعضهم على ناقته حذار سقوطه. وقيل: إنما ضربه مثلا لنزول الأمر المهم. والأرشية الحبال التي يستقى بها، والمواد أنه ثابت الجأش. و (أوصيني ولا توصي) بالياء لأنه يخاطب مؤنثا.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست