responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 215
أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْقَى فِي قَلْبِ يُوسُفَ مِنْ مَحَبَّتِهَا أَضْعَافَ مَا كَانَ فِي قَلْبِهَا، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ لَا تُحِبِّينَنِي كَمَا كُنْتِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ؟ فَقَالَتْ [لَهُ] [1]: لَمَّا ذُقْتُ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعَالَى شَغَلَنِي ذَلِكَ عَنْ كل شي. الثَّانِيَةُ- قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا يُبِيحُ لِلرَّجُلِ الْفَاضِلِ أَنْ يَعْمَلَ لِلرَّجُلِ الْفَاجِرِ، وَالسُّلْطَانِ الْكَافِرِ، بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُفَوِّضُ إِلَيْهِ فِي فِعْلٍ لَا يُعَارِضُهُ فِيهِ، فَيُصْلِحُ مِنْهُ مَا شَاءَ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ عَمَلُهُ بِحَسَبِ اخْتِيَارِ الْفَاجِرِ وَشَهَوَاتِهِ وَفُجُورِهِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّ هَذَا كَانَ لِيُوسُفَ خَاصَّةً، وَهَذَا الْيَوْمُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى إِذَا كَانَ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَإِنْ كَانَ الْمُوَلِّي ظَالِمًا فَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي جَوَازِ الْوِلَايَةِ مِنْ قِبَلِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا- جَوَازُهَا إِذَا عَمِلَ بِالْحَقِّ فِيمَا تَقَلَّدَهُ، لِأَنَّ يُوسُفَ وُلِّيَ مِنْ قِبَلِ فِرْعَوْنَ، وَلِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي حَقِّهِ بِفِعْلِهِ لَا بِفِعْلِ غَيْرِهِ. الثَّانِي- أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَوَلِّي الظَّالِمِينَ بِالْمَعُونَةِ لَهُمْ، وَتَزْكِيَتِهِمْ بِتَقَلُّدِ أَعْمَالِهِمْ، فَأَجَابَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ عَنْ وِلَايَةِ يُوسُفَ مِنْ قِبَلِ فِرْعَوْنَ بِجَوَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا- أَنَّ فِرْعَوْنَ يُوسُفَ كَانَ صَالِحًا، وَإِنَّمَا الطَّاغِي فِرْعَوْنُ مُوسَى. الثَّانِي- أَنَّهُ نَظَرَ فِي أَمْلَاكِهِ دُونَ أَعْمَالِهِ، فَزَالَتْ عَنْهُ التَّبِعَةُ فِيهِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْأَصَحُّ مِنْ إِطْلَاقِ هَذَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنْ يُفَصَّلَ مَا يَتَوَلَّاهُ مِنْ جِهَةِ الظَّالِمِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا- مَا يَجُوزُ لِأَهْلِهِ فِعْلُهُ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ فِي تَنْفِيذِهِ كَالصَّدَقَاتِ وَالزَّكَوَاتِ، فَيَجُوزُ تَوَلِّيهِ مِنْ جِهَةِ الظَّالِمِ، لِأَنَّ النَّصَّ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ قَدْ أَغْنَى عَنِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ، وَجَوَازُ تَفَرُّدِ أَرْبَابِهِ بِهِ قَدْ أَغْنَى عَنِ التَّقْلِيدِ. وَالْقِسْمُ الثَّانِي- مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَفَرَّدُوا بِهِ وَيَلْزَمُ الِاجْتِهَادُ فِي مَصْرِفِهِ كَأَمْوَالِ الْفَيْءِ، فَلَا يَجُوزُ تَوَلِّيهِ مِنْ جِهَةِ الظَّالِمِ، لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَيَجْتَهِدُ فِيمَا لَا يَسْتَحِقُّ. وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ- مَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ لِأَهْلِهِ، وَلِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَدْخَلٌ كَالْقَضَايَا وَالْأَحْكَامِ، فَعَقْدُ التَّقْلِيدِ مَحْلُولٌ، فَإِنْ كَانَ النَّظَرُ تَنْفِيذًا لِلْحُكْمِ بَيْنَ مُتَرَاضِيَيْنِ، وَتَوَسُّطًا بَيْنَ مَجْبُورَيْنِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ إِلْزَامُ إِجْبَارٍ لَمْ يَجُزْ. الثَّالِثَةُ- وَدَلَّتِ الْآيَةُ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ أَنْ يَخْطُبَ الْإِنْسَانُ عَمَلًا يَكُونُ لَهُ أَهْلًا، فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

[1] من ع.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 215
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست