responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 211
عَزَّ جَارُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ وَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ. ثُمَّ دَخَلَ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ نَزَلَ عَنْ سَرِيرِهِ فَخَرَّ لَهُ سَاجِدًا، ثُمَّ أَقْعَدَهُ الْمَلِكُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ." إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ" قَالَ لَهُ يُوسُفُ" اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ" [يوسف: 55] لِلْخَزَائِنِ" عَلِيمٌ" بِوُجُوهِ تَصَرُّفَاتِهَا. وَقِيلَ: حَافِظٌ لِلْحِسَابِ، عَلِيمٌ بِالْأَلْسُنِ. وَفِي الْخَبَرِ:" يَرْحَمُ اللَّهُ أَخِي يُوسُفَ لَوْ لَمْ يَقُلِ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأرض لاستعمله من ساعته ولكن أخر ذلك سَنَةً". وَقِيلَ: إِنَّمَا تَأَخَّرَ تَمْلِيكَهُ إِلَى سَنَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَدْ قِيلَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ: إِنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا دَخَلَ عَلَى الْمَلِكِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِخَيْرِكَ مِنْ خَيْرِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ غَيْرِهِ، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَى الْمَلِكِ بِالْعَرَبِيَّةِ فَقَالَ: مَا هَذَا اللِّسَانُ؟ قَالَ: هَذَا لِسَانُ عَمِّي إِسْمَاعِيلَ، ثُمَّ دَعَا [لَهُ] [1] بِالْعِبْرَانِيَّةِ فَقَالَ: مَا هَذَا اللِّسَانُ؟ قَالَ: لِسَانُ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، وَكَانَ الْمَلِكُ يَتَكَلَّمُ بِسَبْعِينَ لِسَانًا، فَكُلَّمَا [تَكَلَّمَ الْمَلِكُ [2]] بِلِسَانٍ أَجَابَهُ يُوسُفُ بِذَلِكَ اللِّسَانِ، فَأَعْجَبَ الْمَلِكَ أَمْرُهُ، وَكَانَ يُوسُفُ إِذْ ذَاكَ ابْنُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، ثُمَّ أَجْلَسَهُ عَلَى سَرِيرِهِ وَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ مِنْكَ رُؤْيَايَ، قَالَ يُوسُفُ نَعَمْ أَيُّهَا الْمَلِكُ! رَأَيْتَ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ شُهْبًا غُرًّا حِسَانًا، كَشَفَ لَكَ عَنْهُنَّ النِّيلُ فَطَلَعْنَ عَلَيْكَ مِنْ شَاطِئِهِ تَشْخَبُ [3] أَخْلَافُهَا لَبَنًا، فَبَيْنَا أَنْتَ تَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ وَتَتَعَجَّبُ مِنْ حُسْنِهِنَّ إِذْ نَضَبَ النِّيلُ فَغَارَ مَاؤُهُ، وَبَدَا أُسُّهُ [4]، فَخَرَجَ مِنْ حَمِئِهِ وَوَحْلِهِ سَبْعُ بَقَرَاتٍ عِجَافٌ شُعْثٌ غُبْرٌ مُقَلَّصَاتُ الْبُطُونِ، لَيْسَ لَهُنَّ ضُرُوعٌ وَلَا أَخْلَافٌ،، لَهُنَّ أَنْيَابٌ وَأَضْرَاسٌ، وَأَكُفٌّ كَأَكُفِّ الْكِلَابِ وَخَرَاطِيمُ كَخَرَاطِيمِ السِّبَاعِ، فَاخْتَلَطْنَ بِالسِّمَانِ فَافْتَرَسْنَهُنَّ افْتِرَاسَ السِّبَاعِ، فَأَكَلْنَ لُحُومَهُنَّ، وَمَزَّقْنَ جُلُودَهُنَّ، وَحَطَّمْنَ عِظَامَهُنَّ، وَمَشْمَشْنَ مُخَّهُنَّ، فَبَيْنَا أَنْتَ تَنْظُرُ وَتَتَعَجَّبُ كَيْفَ غَلَبْنَهُنَّ وَهُنَّ مَهَازِيلُ! ثُمَّ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُنَّ سِمَنٌ وَلَا زِيَادَةٌ بَعْدَ أَكْلِهِنَّ! إِذَا بِسَبْعِ سَنَابِلَ خُضْرٍ طَرِيَّاتٍ نَاعِمَاتٍ مُمْتَلِئَاتٍ حَبًّا وَمَاءً، وَإِلَى جَانِبِهِنَّ سَبْعٌ يَابِسَاتٌ لَيْسَ فِيهِنَّ مَاءٌ وَلَا خُضْرَةٌ فِي مَنْبَتٍ وَاحِدٍ، عُرُوقُهُنَّ فِي الثَّرَى وَالْمَاءِ، فبينا أنت تقول في نفسك: أي شي هَذَا؟! هَؤُلَاءِ خُضْرٌ مُثْمِرَاتٌ، وَهَؤُلَاءِ سُودٌ يَابِسَاتٌ، والمنبت واحد، وأصولهن

[1] من ع وى.
[2] من ع.
[3] تشخب: تسيل.
[4] في ع وى: يبسه.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 211
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست