responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 209
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) اخْتُلِفَ فِيمَنْ قَالَهُ، فَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهَا:" الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ" أَيْ أَقْرَرْتُ بِالصِّدْقِ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ [1] أَيْ بِالْكَذِبِ عَلَيْهِ، وَلَمْ أَذْكُرْهُ بِسُوءٍ وَهُوَ غَائِبٌ، بَلْ صَدَقْتُ وَحِدْتُ [2] عَنِ الْخِيَانَةِ، ثُمَّ قَالَتْ:" وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي" بَلْ أَنَا رَاوَدْتُهُ، وَعَلَى هَذَا هِيَ كَانَتْ مُقِرَّةً بِالصَّانِعِ، وَلِهَذَا قَالَتْ:" إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ". وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ يُوسُفَ، أَيْ قَالَ يُوسُفُ: ذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِي فَعَلْتُهُ، مِنْ رَدِّ الرَّسُولِ" لِيَعْلَمَ" الْعَزِيزُ" أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ
" قَالَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا. وَمَعْنَى" بِالْغَيْبِ" وَهُوَ غَائِبٌ. وَإِنَّمَا قَالَ يُوسُفُ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمَلِكِ، وَقَالَ:" لِيَعْلَمَ" عَلَى الْغَائِبِ تَوْقِيرًا لِلْمَلِكِ. وَقِيلَ: قَالَهُ إِذْ عَادَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ وَهُوَ فِي السِّجْنِ بَعْدُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَاءَ الرَّسُولُ إِلَى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْخَبَرِ وَجِبْرِيلُ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ، فَقَالَ يُوسُفُ:" ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ" أَيْ لَمْ أَخُنْ سَيِّدِي بِالْغَيْبِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا يُوسُفُ! وَلَا حِينَ حَلَلْتَ الْإِزَارَ، وَجَلَسْتَ مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنَ الْمَرْأَةِ؟! فَقَالَ يُوسُفُ:" وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي" الْآيَةَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: إِنَّمَا قَالَتْ لَهُ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ وَلَا حِينَ حَلَلْتَ سَرَاوِيلَكَ يَا يُوسُفُ؟! فَقَالَ يُوسُفُ:" وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي". وَقِيلَ:" ذلِكَ لِيَعْلَمَ" مِنْ قَوْلِ الْعَزِيزِ، أَيْ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ يُوسُفُ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ، وَأَنِّي لَمْ أَغْفُلْ عَنْ مُجَازَاتِهِ عَلَى أَمَانَتِهِ. (وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ) مَعْنَاهُ: أَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْخَائِنِينَ بِكَيْدِهِمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي) قِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ الْمَرْأَةِ. وَقَالَ الْقُشَيْرِيُّ: فَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ:" ذلِكَ لِيَعْلَمَ" وَقَوْلُهُ:" وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي" مِنْ قَوْلِ يُوسُفَ. قُلْتُ: إِذَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ الْمَرْأَةِ فَالْقَوْلُ بِهِ أَوْلَى حَتَّى نُبَرِّئَ يُوسُفَ مِنْ حَلِّ الْإِزَارِ وَالسَّرَاوِيلِ، وَإِذَا قَدَّرْنَاهُ مِنْ قَوْلِ يُوسُفَ فَيَكُونُ مِمَّا خَطَرَ بِقَلْبِهِ، عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ فِي قَوْلِهِ:" وَهَمَّ بِها". قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ:" ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ" إِلَى قَوْلِهِ:" إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ" من كلام امرأة العزيز،

[1] من ع.
[2] في ع: خرجت.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 209
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست