responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 192
[سورة يوسف (12): الآيات 39 الى 40]
يَا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا صاحِبَيِ السِّجْنِ) أَيْ يَا سَاكِنَيِ السِّجْنِ، وَذَكَرَ الصُّحْبَةَ لِطُولِ مَقَامِهِمَا فِيهِ، كقولك: أصحاب الجنة، وأصحاب النار. (أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ) أَيْ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبْرِ وَالتَّوَسُّطِ، أَوْ مُتَفَرِّقُونَ فِي الْعَدَدِ. (خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) وَقِيلَ: الْخِطَابُ لَهُمَا وَلِأَهْلِ السِّجْنِ، وَكَانَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ أَصْنَامٌ يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ ذَلِكَ إِلْزَامًا لِلْحُجَّةِ، أَيْ آلِهَةٌ شَتَّى لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ." خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ" الَّذِي قَهَرَ كُلَّ شي. نظيره:" آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ" [1] [النمل: 59]. وَقِيلَ: أَشَارَ بِالتَّفَرُّقِ إِلَى أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ الْإِلَهُ لَتَفَرَّقُوا فِي الْإِرَادَةِ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَبَيَّنَ أَنَّهَا إِذَا تَفَرَّقَتْ لَمْ تَكُنْ آلِهَةٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً) بَيَّنَ عَجْزَ الْأَصْنَامِ وَضَعْفَهَا فَقَالَ:" مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ" أَيْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِلَّا ذَوَاتِ أَسْمَاءٍ لَا مَعَانِيَ لَهَا. (سَمَّيْتُمُوها) مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِكُمْ. وَقِيلَ: عَنَى بِالْأَسْمَاءِ الْمُسَمَّيَاتِ، أَيْ مَا تَعْبُدُونَ إِلَّا أَصْنَامًا لَيْسَ لها من الإلهية شي إِلَّا الِاسْمُ، لِأَنَّهَا جَمَادَاتٌ. وَقَالَ:" مَا تَعْبُدُونَ" وَقَدِ ابْتَدَأَ بِخِطَابِ الِاثْنَيْنِ، لِأَنَّهُ قَصَدَ جَمِيعَ مَنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ حَالِهِمَا مِنَ الشِّرْكِ. (إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ)
فَحَذَفَ، الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ لِلدَّلَالَةِ، وَالْمَعْنَى: سَمَّيْتُمُوهَا آلِهَةً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ. (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ) ذَلِكَ فِي كِتَابٍ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: (مِنْ سُلْطانٍ) أَيْ مِنْ حُجَّةٍ. (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) الَّذِي هُوَ خَالِقُ الْكُلِّ. (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ). (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ). أَيِ الْقَوِيمُ. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)

[1] راجع ج 13 ص 219.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 192
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست