responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 13
قوله تعالى: (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) أَيْ فِي الْمُعَارَضَةِ وَلَمْ تَتَهَيَّأْ لَهُمْ فَقَدْ قَامَتْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ، إِذْ هُمُ اللُّسْنُ الْبُلَغَاءُ، وَأَصْحَابُ الْأَلْسُنِ الْفُصَحَاءُ. (فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ) وَاعْلَمُوا صِدْقَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (وَ) اعْلَمُوا (أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ مُعْجِزٌ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَقَالَ:" قُلْ فَأْتُوا" وَبَعْدَهُ." فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ" وَلَمْ يَقُلْ لَكَ، فَقِيلَ: هُوَ عَلَى تَحْوِيلِ الْمُخَاطَبَةِ [1] مِنَ الْإِفْرَادِ، إِلَى الْجَمْعِ تَعْظِيمًا وَتَفْخِيمًا، وَقَدْ يُخَاطَبُ الرَّئِيسُ بِمَا يُخَاطَبُ بِهِ الْجَمَاعَةُ. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي" لَكُمْ" وَفِي" فَاعْلَمُوا" للجميع، أي فليعلم للجميع" أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ"، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي" لَكُمْ" وَفِي" فَاعْلَمُوا" لِلْمُشْرِكِينَ، وَالْمَعْنَى: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِبْ لَكُمْ مَنْ تَدْعُونَهُ إِلَى الْمُعَاوَنَةِ، وَلَا تَهَيَّأَتْ لَكُمُ الْمُعَارَضَةُ" فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ". وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي" لَكُمْ" لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، وَفِي" فَاعْلَمُوا" للمشركين.

[سورة هود (11): آية 15]
مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لَا يُبْخَسُونَ (15)
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَنْ كانَ) كَانَ زَائِدَةٌ [2]، وَلِهَذَا جَزَمَ بِالْجَوَابِ فَقَالَ: (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ) قَالَهُ الْفَرَّاءُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ:" مَنْ كانَ" فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ بِالشَّرْطِ، وَجَوَابُهُ" نُوَفِّ إِلَيْهِمْ" أَيْ مَنْ يَكُنْ يُرِيدُ، وَالْأَوَّلُ فِي اللفظ ماضي وَالثَّانِي مُسْتَقْبَلٌ، كَمَا قَالَ زُهَيْرٌ:
وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ الْمَنِيَّةِ يَلْقَهَا ... وَلَوْ رَامَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقِيلَ: نزلت في الكفار، قال الضَّحَّاكُ، وَاخْتَارَهُ النَّحَّاسُ، بِدَلِيلِ الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا" أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ" [هود: 16] أَيْ مَنْ أَتَى مِنْهُمْ بِصِلَةِ رَحِمٍ أَوْ صدقة نكافيه بِهَا فِي الدُّنْيَا، بِصِحَّةِ الْجِسْمِ، وَكَثْرَةِ الرِّزْقِ، لكن لا حسنة

[1] في ع: المخاطب. [ ..... ]
[2] قال في البحر: ولعله لا يصلح إذ لو كانت زائدة لكان فعل الشرط" يُرِيدُ" وكان يكون مجزوما.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 13
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست