responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 124
أَحَدُهُمَا- مَا رَوَاهُ أَبُو سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ بِأَنَّ مُدَّةَ الْوَحْيِ كَانَتْ عِشْرِينَ سَنَةٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَلِيَّ رَأْسِ أَرْبَعِينَ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَابْنِ شِهَابٍ والحسن وعطاء والخراساني وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ، وَهِيَ رِوَايَةُ رَبِيعَةَ وَأَبِي غَالِبٍ عَنْ أَنَسٍ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ [1] بَطَلَ ذَلِكَ التَّأْوِيلُ- الثَّانِي: أَنَّ سَائِرَ الْأَحَادِيثِ فِي الْأَجْزَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ تَبْقَى بِغَيْرِ مَعْنًى. الثَّالِثَةُ- إِنَّمَا كَانَتْ الرُّؤْيَا جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، لِأَنَّ فِيهَا مَا يُعْجِزُ وَيَمْتَنِعُ كالطيران، وقلب الأعيان، والاطلاع على شي مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:" إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ" الْحَدِيثَ. وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَإِنَّ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ مِنَ اللَّهِ، وَإِنَّهَا مِنَ النُّبُوَّةِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ" وَأَنَّ التَّصْدِيقَ بِهَا حَقَّ، وَلَهَا التَّأْوِيلُ الْحَسَنُ، وَرُبَّمَا أَغْنَى بَعْضُهَا عَنِ التَّأْوِيلِ، وَفِيهَا مِنْ بَدِيعِ اللَّهِ وَلُطْفِهِ مَا يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ فِي إِيمَانِهِ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا بَيْنَ أَهْلِ الدِّينِ وَالْحَقِّ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْأَثَرِ، وَلَا يُنْكِرُ الرُّؤْيَا إلا أهل الإلحاد وشر ذمة مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ. الرَّابِعَةُ- إِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَتِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ فَكَيْفَ يَكُونُ الْكَافِرُ وَالْكَاذِبُ وَالْمُخَلِّطُ أَهْلًا لَهَا؟ وَقَدْ وَقَعَتْ مِنْ بَعْضِ الْكُفَّارِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا يُرْضَى دِينُهُ مَنَامَاتٌ صَحِيحَةٌ صَادِقَةٌ، كَمَنَامِ رُؤْيَا الْمَلِكِ الَّذِي رَأَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ، وَمَنَامِ الْفَتَيَيْنِ فِي السجن، ورؤيا بخت نصر، الَّتِي فَسَّرَهَا دَانْيَالُ فِي ذَهَابِ مُلْكِهِ، وَرُؤْيَا كِسْرَى فِي ظُهُورِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنَامِ عَاتِكَةَ، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِهِ وَهِيَ كَافِرَةٌ، وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ" بَابَ رُؤْيَا أَهْلِ السِّجْنِ"- فَالْجَوَابُ أَنَّ الْكَافِرَ وَالْفَاجِرَ وَالْفَاسِقَ وَالْكَاذِبَ وَإِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاهُمْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لَا تَكُونُ مِنَ الْوَحْيِ وَلَا مِنَ النُّبُوَّةِ، إِذْ لَيْسَ كل من صدق في حديثه عَنْ غَيْبٍ يَكُونُ خَبَرُهُ ذَلِكَ نُبُوَّةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" الْأَنْعَامِ" [2] أَنَّ الْكَاهِنَ وَغَيْرُهُ قَدْ يُخْبِرُ بِكَلِمَةِ الْحَقِّ فَيَصْدُقُ، لَكِنَّ ذَلِكَ عَلَى النُّدُورِ وَالْقِلَّةِ، فَكَذَلِكَ رُؤْيَا هَؤُلَاءِ، قَالَ الْمُهَلَّبُ: إنما ترجم البخاري

[1] في ع وى: هذا الخلاف.
[2] راجع ج 7 ص 3 فما بعدها.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست