responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 109
فِيهِ سِتُّ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) لَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِي أَنَّ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يُرَادُ بِهَا الصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَةُ، وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا ثَانِيَةُ الْإِيمَانِ، وَإِلَيْهَا يُفْزَعُ فِي النَّوَائِبِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ [1] أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلَاةِ. وَقَالَ شُيُوخُ الصُّوفِيَّةِ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْآيَةِ اسْتِغْرَاقُ الْأَوْقَاتِ بِالْعِبَادَةِ فَرْضًا وَنَفْلًا [2]، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذَا ضَعِيفٌ، فَإِنَّ الْأَمْرَ لَمْ يَتَنَاوَلْ ذَلِكَ إِلَّا وَاجِبًا لَا نَفْلًا، فَإِنَّ الْأَوْرَادَ مَعْلُومَةٌ، وَأَوْقَاتَ النَّوَافِلِ الْمُرَغَّبَ فِيهَا مَحْصُورَةٌ، وَمَا سِوَاهَا مِنَ الْأَوْقَاتِ يُسْتَرْسَلُ عَلَيْهَا النَّدْبُ عَلَى الْبَدَلِ لَا عَلَى الْعُمُومِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي قُوَّةِ بَشَرٍ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (طَرَفَيِ النَّهارِ) قَالَ مُجَاهِدٌ: الطَّرَفُ الْأَوَّلُ، صَلَاةُ الصُّبْحِ، وَالطَّرَفُ الثَّانِي صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. وَقِيلَ: الطَّرَفَانِ الصبح والمغرب، قال ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ. وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا: الطَّرَفُ الثاني العصر وحده، وقال قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ. وَقِيلَ: الطَّرَفَانِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ. وَالزُّلَفُ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَالصُّبْحِ، كَأَنَّ هَذَا الْقَائِلَ رَاعَى جَهْرَ الْقِرَاءَةِ. وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ الطَّرَفَ الْأَوَّلَ صَلَاةُ الصُّبْحِ بِاتِّفَاقٍ. قُلْتُ: وَهَذَا الِاتِّفَاقُ يَنْقُصُهُ الْقَوْلُ الَّذِي قَبْلَهُ. وَرَجَّحَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ الطَّرَفَيْنِ الصُّبْحُ وَالْمَغْرِبُ، وَأَنَّهُ ظَاهِرٌ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَغْرِبَ لَا تَدْخُلُ فِيهِ لِأَنَّهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالْعَجَبُ مِنَ الطَّبَرِيِّ الَّذِي يَرَى أَنَّ طَرَفَيِ النَّهَارِ الصُّبْحُ وَالْمَغْرِبُ، وَهُمَا طَرَفَا اللَّيْلِ! فَقَلَبَ الْقَوْسَ رِكْوَةً [3]، وَحَادَ عَنِ الْبُرْجَاسِ [4] غَلْوَةً، قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ إِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ الصُّبْحُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الطَّرَفَ الْآخَرَ الْمَغْرِبُ، وَلَمْ يُجْمِعْ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أحد.

[1] (حزبه): نزل به مهم، أو أصابه غم.
[2] كذا في ع وو. والذي في ابن العربي: لم يتناول ذلك لا واجبا فإنها خمس صلوات ولا نفلا.
[3] لفظ المثل كما في الصحاح وغيره (صارت القوس ركوة) ويضرب في الإدبار وانقلاب الأمور.
[4] البرجاس (بالضم): غرض على رأس رمح أو نحوه مولد. والغلوة: قدر رمية سهم.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 109
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست