responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 102
الْفَرِيقَيْنِ فِي الدَّارَيْنِ، فَوَقَعَ لَفْظُ الِاسْتِثْنَاءِ، وَالْعَزِيمَةُ قَدْ تَقَدَّمَتْ فِي الْخُلُودِ، قَالَ: وَهَذَا مِثْلُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ" [الفتح: 27 [وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَهُ حَتْمًا، فَلَمْ يُوجِبِ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ خِيَارًا، إِذِ الْمَشِيئَةُ قَدْ تقدمة، بِالْعَزِيمَةِ فِي الْخُلُودِ فِي الدَّارَيْنِ وَالدُّخُولِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَنَحْوُهُ عَنِ الْفَرَّاءِ. وَقَوْلٌ: حَادِيَ عَشَرَ- وَهُوَ أَنَّ الْأَشْقِيَاءَ هُمُ السُّعَدَاءُ، وَالسُّعَدَاءُ هُمُ الْأَشْقِيَاءُ لَا غَيْرُهُمْ، وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ رَاجِعٌ إِلَيْهِمْ، وَبَيَانُهُ أَنَّ" مَا" بِمَعْنَى" مَنْ" اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الدَّاخِلِينَ فِي النَّارِ الْمُخَلَّدِينَ فِيهَا الَّذِينَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا مَعَهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ، وَاسْتَثْنَى مِنَ الدَّاخِلِينَ فِي الْجَنَّةِ الْمُخَلَّدِينَ فِيهَا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ بِذُنُوبِهِمْ قَبْلَ دُخُولِ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخْرَجُونَ مِنْهَا إِلَى الْجَنَّةِ. وَهُمُ الَّذِينَ وَقَعَ عَلَيْهِمُ الِاسْتِثْنَاءُ الثَّانِي، كَأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى:" فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ" أَلَّا يُخَلِّدَهُ فِيهَا، وَهُمُ الْخَارِجُونَ مِنْهَا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِيمَانِهِمْ وَبِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُمْ بِدُخُولِهِمُ النَّارَ يُسَمَّوْنَ الْأَشْقِيَاءَ، وَبِدُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ يُسَمَّوْنَ السُّعَدَاءَ، كَمَا رَوَى الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ قَالَ: الَّذِينَ سَعِدُوا شَقُوا بِدُخُولِ النَّارِ ثُمَّ سَعِدُوا بِالْخُرُوجِ مِنْهَا وَدُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَحَفْصٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ" وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا" بِضَمِّ السِّينِ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ سَعِدُوا أَنَّ الْأَوَّلَ شَقُوا وَلَمْ يَقُلْ أُشْقُوا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَرَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ يَتَعَجَّبُ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِسَائِيِّ" سُعِدُوا" مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ! إِذْ كَانَ هَذَا لَحْنًا لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَالُ: سَعِدَ فُلَانٌ وَأَسْعَدَهُ اللَّهُ، وَأَسْعَدَ مِثْلُ أَمْرَضَ، وَإِنَّمَا احْتَجَّ الْكِسَائِيُّ بِقَوْلِهِمْ: مَسْعُودٌ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ، لِأَنَّهُ يُقَالُ: مَكَانٌ مَسْعُودٌ فِيهِ، ثُمَّ يُحْذَفُ فِيهِ ويسمى به. قال الْمَهْدَوِيُّ: وَمَنْ ضَمَّ السِّينَ مِنْ" سُعِدُوا" فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى قَوْلِهِمْ: مَسْعُودٌ وَهُوَ شَاذٌّ قَلِيلٌ، لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: سَعِدَهُ اللَّهُ، إِنَّمَا يُقَالُ: أَسْعَدَهُ اللَّهُ. وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ:" سُعِدُوا" بِضَمِّ السِّينِ أَيْ رُزِقُوا السَّعَادَةَ، يُقَالُ: سَعِدَ وَأَسْعَدَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ" سُعِدُوا" بِفَتْحِ

اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست