responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 100
جَهَنَّمَ حَتَّى إِذَا صَارُوا كَالْحُمَمَةِ [1] أُخْرِجُوا مِنْهَا وَدَخَلُوا الْجَنَّةَ فَيُقَالُ هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ" وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي" النِّسَاءِ" [2] وَغَيْرِهَا. الثَّالِثُ- أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ الزَّفِيرِ وَالشَّهِيقِ، أَيْ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْهُ، وَكَذَلِكَ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ النَّعِيمِ مَا ذُكِرَ، وَمَا لَمْ يُذْكَرْ. حَكَاهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ. الرَّابِعُ- قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ:" خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ" لَا يَمُوتُونَ فِيهَا، وَلَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا" إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ" وَهُوَ أَنْ يَأْمُرَ النَّارَ فَتَأْكُلُهُمْ وَتُفْنِيَهُمْ، ثُمَّ يُجَدِّدُ خَلْقَهُمْ. قُلْتُ: وَهَذَا الْقَوْلُ خَاصٌّ بِالْكَافِرِ وَالِاسْتِثْنَاءُ لَهُ فِي الْأَكْلِ، وَتَجْدِيدِ الْخَلْقِ. الْخَامِسُ- أَنَّ" إِلَّا" بِمَعْنَى" سِوَى" كَمَا تَقُولُ فِي الْكَلَامِ: مَا مَعِي رَجُلٌ إِلَّا زَيْدٌ، وَلِي عَلَيْكَ أَلْفَا دِرْهَمٍ إِلَّا الْأَلْفَ الَّتِي لِي عَلَيْكَ [3]. قِيلَ: فَالْمَعْنَى مَا دامت السموات وَالْأَرْضُ سِوَى مَا شَاءَ رَبُّكَ مِنَ الْخُلُودِ. السَّادِسُ- أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْإِخْرَاجِ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنْهَا. كَمَا تَقُولُ فِي الْكَلَامِ: أَرَدْتُ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ أَشَاءَ غَيْرَهُ، وَأَنْتَ مُقِيمٌ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ شَاءَ أَنْ يُخْرِجَهُمْ لَأَخْرَجَهُمْ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمْ خَالِدُونَ فِيهَا، ذَكَرَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الزَّجَّاجُ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، قَالَ: وَلِأَهْلِ الْمَعَانِي قَوْلَانِ آخَرَانِ، فَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ:" خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ" مِنْ مِقْدَارِ مَوْقِفِهِمْ عَلَى رَأْسِ قُبُورِهِمْ، وَلِلْمُحَاسَبَةِ، وَقَدْرِ مُكْثِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَالْبَرْزَخِ، وَالْوُقُوفِ لِلْحِسَابِ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ- وُقُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى النَّعِيمِ وَالْعَذَابِ، وَتَقْدِيرُهُ:" خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ" مِنْ زِيَادَةِ النَّعِيمِ لِأَهْلِ النَّعِيمِ، وَزِيَادَةِ الْعَذَابِ لِأَهْلِ الْجَحِيمِ. قُلْتُ: فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي الزِّيَادَةِ مِنَ الْخُلُودِ عَلَى مُدَّةِ كَوْنِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ الْمَعْهُودَتَيْنِ فِي الدُّنْيَا وَاخْتَارَهُ التِّرْمِذِيُّ [4] الْحَكِيمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَيْ خَالِدِينَ فيها مقدار دوام السموات وَالْأَرْضِ، وَذَلِكَ مُدَّةُ الْعَالَمِ، وَلِلسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقْتٌ يَتَغَيَّرَانِ فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:" يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ" [5] [إبراهيم: 48] فَخَلَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْآدَمِيِّينَ وَعَامَلَهُمْ، وَاشْتَرَى مِنْهُمْ أنفسهم

[1] الحمم: الرماد والفحم وكل ما احترق من النار، والواحدة حمة.
[2] راجع ج 5 ص 332.
[3] وعبارة البحر: لي عندك ألفا درهم إلا الألف التي كنت أسلفتك بعني سوى تلك الألف.
[4] يلاحظ أنه لم يذكر المصنف السابع ولعله هو هذا.
[5] راجع ص 382 من هذا الجزء [ ..... ]
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 100
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست