responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 59
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقُرْآنِ وَذَاكَرُوهُ فِيهِ. وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الْمُشْرِكِينَ. وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ:" وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا»
"." إِذا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ «[2]» ". وَقِيلَ: الْمَعْنَى دَارَسْتَنَا، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ كَمَعْنَى دَرَسْتَ، ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ وَاخْتَارَهُ، وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ مَكِّيٌّ. وَزَعَمَ النَّحَّاسُ أَنَّهُ مَجَازٌ، كَمَا قَالَ:
فَلِلْمَوْتِ مَا تَلِدُ الْوَالِدَهُ «3»

وَمَنْ قَرَأَ" دَرَسَتْ" فَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي قِرَاءَتِهِ أَنَّ الْمَعْنَى: وَلِئَلَّا يَقُولُوا انْقَطَعَتْ وَامَّحَتْ، وَلَيْسَ يَأْتِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِهَا. وَقَرَأَ قَتَادَةُ" دُرِسَتْ" أَيْ قُرِئَتْ. وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَرَأَ" دَارَسَتْ". وَكَانَ أَبُو حَاتِمٍ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لَا تَجُوزُ، قَالَ: لِأَنَّ الْآيَاتِ لَا تُدَارِسُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْقِرَاءَةُ بِهَذَا تَجُوزُ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَاتِمٍ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ دَارَسَتْ أُمَّتُكَ، أَيْ دَارَسَتْكَ أُمَّتُكَ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ، مثل قول:" حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ
«4» ". وَحَكَى الْأَخْفَشُ" وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ" وَهُوَ بِمَعْنَى" دَرَسْتَ" إِلَّا أَنَّهُ أَبْلَغُ. وَحَكَى أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَّهُ قُرِئَ" وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ" بِإِسْكَانِ اللَّامِ عَلَى الْأَمْرِ. وَفِيهِ مَعْنَى التَّهْدِيدِ، أَيْ فَلْيَقُولُوا بِمَا شَاءُوا فَإِنَّ الْحَقَّ بَيِّنٌ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ" فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً «[5]» " فَأَمَّا مَنْ كَسَرَ اللَّامَ فَإِنَّهَا عِنْدَهُ لَامُ كَيْ. وَهَذِهِ الْقِرَاءَاتُ كُلُّهَا يَرْجِعُ اشْتِقَاقُهَا إِلَى شي واحد، إلى التليين والتذليل. و" دَرَسْتَ" مِنْ دَرَسَ يَدْرُسُ دِرَاسَةً، وَهِيَ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْغَيْرِ. وَقِيلَ: دَرَسْتُهُ أَيْ ذَلَّلْتُهُ بِكَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ، وَأَصْلُهُ دَرَسَ الطَّعَامَ أَيْ دَاسَهُ. وَالدِّيَاسُ الدِّرَاسُ بِلُغَةِ أَهْلِ الشَّامِ. وَقِيلَ: أَصْلُهُ مِنْ دَرَسْتُ الثَّوْبَ أَدْرُسُهُ دَرْسًا أَيْ أَخَلَقْتُهُ. وَقَدْ دَرَسَ الثَّوْبُ دَرْسًا أَيْ أَخْلَقَ. وَيَرْجِعُ هَذَا إِلَى التذلل أيضا. ويقال: سمي إدريسي لِكَثْرَةِ دِرَاسَتِهِ لِكِتَابِ اللَّهِ. وَدَارَسْتُ الْكُتُبَ وَتَدَارَسْتُهَا وَادَّارَسْتُهَا أَيْ دَرَسْتُهَا. وَدَرَسْتُ الْكِتَابَ دَرْسًا وَدِرَاسَةً. ودرست المرأة درسا أي حاضت. ويقال:

(1). راجع ج 13 ص 3.
[2] راجع ج 10 ص 95.
(3). هذا عجز بيت وصدره كما في المغني (حرف اللام):
فإن يكن الموت أفناهم
(4). راجع ج 15 ص 195.
[5] راجع ج 8 ص 216.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست