responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 49
الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ) أَيْ وَأَخْرَجْنَا جَنَّاتٍ. وَقَرَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَالْأَعْمَشُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ قِرَاءَةِ عَاصِمٍ" وَجَنَّاتٍ" بِالرَّفْعِ. وَأَنْكَرَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ، حَتَّى قَالَ أَبُو حاتم: همحال، لِأَنَّ الْجَنَّاتِ لَا تَكُونُ مِنَ النَّخْلِ. قَالَ النَّحَّاسُ. وَالْقِرَاءَةُ جَائِزَةٌ، وَلَيْسَ التَّأْوِيلُ عَلَى هَذَا، وَلَكِنَّهُ رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، أَيْ وَلَهُمْ جَنَّاتٌ. كَمَا قَرَأَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ" وَحُورٌ [1] عِينٌ". وَأَجَازَ مِثْلَ هَذَا سِيبَوَيْهِ وَالْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. وَعَلَى هَذَا أَيْضًا" وَحُورًا عِينًا" حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، وَأَنْشَدَ:
جِئْنِي بِمِثْلِ بَنِي بَدْرٍ لِقَوْمِهِمْ ... أَوْ مِثْلَ أُسْرَةِ مَنْظُورِ بْنِ سَيَّارِ «2»
وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ" وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ" أَخْرَجْنَاهَا، كَقَوْلِكَ: أَكْرَمْتُ عَبْدَ اللَّهِ وَأَخُوهُ، أَيْ وَأَخُوهُ أَكْرَمْتُ أَيْضًا. فَأَمَّا الزَّيْتُونُ وَالرُّمَّانُ فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا النَّصْبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ. وَقِيلَ:" وَجَنَّاتٍ" بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى" قِنْوانٌ" لَفْظًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ في المعنى من جنسها. (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) أَيْ مُتَشَابِهًا فِي الْأَوْرَاقِ، أَيْ ورق الزيتون يشبه ورق الرمان في اشتمال عَلَى جَمِيعِ الْغُصْنِ وَفِي حَجْمِ الْوَرَقِ، وَغَيْرُ مُتَشَابِهٍ فِي الذَّوَاقِ، عَنْ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ:" مُتَشابِهاً" فِي النَّظَرِ" وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ" في الطعم، مثل الرمانتين لونهما واحد وطعامهما مُخْتَلِفٌ. وَخُصَّ الرُّمَّانُ وَالزَّيْتُونُ بِالذِّكْرِ لِقُرْبِهِمَا مِنْهُمْ وَمَكَانِهِمَا عِنْدَهُمْ. وَهُوَ كَقَوْلِهِ:" أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ «[3]» ". رَدَّهُمْ إِلَى الْإِبِلِ لِأَنَّهَا أَغْلَبُ مَا يَعْرِفُونَهُ. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ) أَيْ نَظَرَ الِاعْتِبَارِ لَا نَظَرَ الْإِبْصَارِ الْمُجَرَّدِ عَنِ التَّفَكُّرِ. وَالثَّمَرُ فِي اللُّغَةِ جَنَى الشَّجَرِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ" ثُمُرُهُ" بِضَمِّ الثَّاءِ وَالْمِيمِ. وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا جَمْعُ ثَمَرَةٍ، مِثْلَ بَقَرَةٍ وَبَقَرٍ وَشَجَرَةٍ وَشَجَرٍ. قال مجاهد الثمر أصناف المال، والتمر ثَمَرُ النَّخْلِ. وَكَأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ: انظروا إلى الأموال التي يتحصل منه

[1] راجع ج 17 ص 202.
(2). البيت لجرير، يخاطب الفرزدق فيفخر عليه بسادات قيس لأنهم أخواله، وبنو بدر من فزارة وفيهم شرف قيس عيلان، وبنو سيار من فزارة من ذبيان من قيس. (عن شرح الشواهد للشنتمري).
[3] راجع ج 20 ص 34.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 49
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست