responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 37
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) أَيْ فِيمَا وَجَبَ لَهُ وَاسْتَحَالَ عَلَيْهِ وَجَازَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا آمَنُوا أَنَّهُ عَلَى كل شي قَدِيرٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا عَظَّمُوهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ. وَهَذَا يَكُونُ مِنْ قَوْلِهِمْ: لِفُلَانٍ قَدْرٌ. وَشَرْحُ هَذَا أَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا:" مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ" نَسَبُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقِيمُ الْحُجَّةَ عَلَى عِبَادِهِ، وَلَا يَأْمُرُهُمْ بِمَا لَهُمْ فِيهِ الصَّلَاحُ، فَلَمْ يُعَظِّمُوهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ وَلَا عَرَفُوهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَيْ مَا عَرَفُوا اللَّهَ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا مَعْنًى حَسَنٌ، لِأَنَّ مَعْنَى قَدَرْتُ الشَّيْءَ وَقَدَّرْتُهُ عَرَفْتُ مقداره. ويدل عليه قول تَعَالَى:" إِذْ قالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ" أَيْ لَمْ يَعْرِفُوهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ، إِذْ أَنْكَرُوا أَنْ يُرْسِلَ رَسُولًا. وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ. وَقَدْ قِيلَ: وَمَا قَدَرُوا نِعَمَ اللَّهِ حَقَّ تَقْدِيرِهَا. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ" وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدَرِهِ" بِفَتْحِ الدَّالِ، وَهِيَ لُغَةٌ. (إِذْ قالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: يَعْنِي مُشْرِكِي قُرَيْشٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الذي قاله أحد اليهود، قال: لم ينز اللَّهُ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ. قَالَ السُّدِّيُّ: اسْمُهُ فِنْحَاصُ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا قَالَ: هُوَ مَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ [1]، جَاءَ يُخَاصِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنْشُدُكَ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَمَا تَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْحَبْرَ السَّمِينَ)؟ وَكَانَ حَبْرًا سَمِينًا. فَغَضِبَ وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ على بشر من شي. فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ مَعَهُ: وَيْحَكَ! وَلَا عَلَى مُوسَى؟ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ على بشر من شي، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ. ثُمَّ قَالَ نَقْضًا لِقَوْلِهِمْ وَرَدًّا عَلَيْهِمْ:" قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ"- أي في قراطيس-" تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً" هَذَا لِلْيَهُودِ الَّذِينَ أَخْفَوْا صِفَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرَهَا مِنَ الْأَحْكَامِ. وقال مجاهد: قوله تعالى «[2]» " قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى " خطاب للمشركين، وقوله" تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ" لِلْيَهُودِ (وَقَوْلُهُ [3]) (وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ) لِلْمُسْلِمِينَ. وَهَذَا يَصِحُّ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ" يَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ يُبْدُونَهَا وَيُخْفُونَ" بِالْيَاءِ وَالْوَجْهُ عَلَى قِرَاءَةِ التَّاءِ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ لِلْيَهُودِ، وَيَكُونَ مَعْنَى" وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا"

[1] في ك ج: الضيف. بمعجمه وكلاهما أثبته الرواة. [ ..... ]
[2] من ك.
[3] من ك.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست