responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 354
لِأَنَّهُ يَجْمَعُ جَمِيعَ مَا أَوْجَبَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ وَغَيْرُهَا مِنَ السُّنَّةِ فِي الْإِنْصَاتِ. قَالَ النَّقَّاشُ: أَجْمَعَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ أَنَّ هَذَا الِاسْتِمَاعَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَغَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ. النَّحَّاسُ: وَفِي اللُّغَةِ يجب أن يكون في كل شي، إلا أن يدل دليل على اختصاص شي. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ" فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا 20" اعْمَلُوا بِمَا فِيهِ وَلَا تُجَاوِزُوهُ. وَالْإِنْصَاتُ: السُّكُوتُ لِلِاسْتِمَاعِ وَالْإِصْغَاءِ وَالْمُرَاعَاةِ. أَنْصَتَ يُنْصِتُ إِنْصَاتًا، وَنَصَتَ أَيْضًا، قَالَ الشَّاعِرُ:
قَالَ الْإِمَامُ عَلَيْكُمْ أَمْرُ سَيِّدِكُمْ ... فَلَمْ نُخَالِفْ وَأَنْصَتْنَا كَمَا قَالَا
وَيُقَالُ: أَنْصِتُوهُ وَأَنْصِتُوا لَهُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا قَالَتْ حَذَامُ فَأَنْصِتُوهَا ... فَإِنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَامُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ" فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا 20": كَانَ هَذَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصًّا لِيَعِيَهُ عَنْهُ أَصْحَابُهُ. قُلْتُ: هَذَا فِيهِ بُعْدٌ، وَالصَّحِيحُ الْقَوْلُ بِالْعُمُومِ، لِقَوْلِهِ:" لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" وَالتَّخْصِيصُ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ. وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ أَحْمَدَ فِي فَوَائِدِ الْقُرْآنِ لَهُ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يُكْثِرُونَ اللَّغَطَ وَالشَّغَبَ تفنتا وَعِنَادًا، عَلَى مَا حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ:" وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ". فَأَمَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ حَالَةَ أَدَاءِ الْوَحْيِ أَنْ يَكُونُوا عَلَى خِلَافِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَنْ يَسْتَمِعُوا، وَمَدَحَ الْجِنَّ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ:" وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ «[1]» " الْآيَةَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ أَجَابَهُ مَنْ وَرَاءَهُ، إِذَا قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالُوا مِثْلَ قَوْلِهِ، حَتَّى يَقْضِيَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَالسُّورَةِ. فَلَبِثَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ، فَنَزَلَ:" وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ 20" فَأَنْصِتُوا. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِالْإِنْصَاتِ تَرْكُ الْجَهْرِ عَلَى مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ مِنْ مُجَاوَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ قَتَادَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: كَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَيَسْأَلُهُمْ كَمْ صَلَّيْتُمْ، كَمْ بَقِيَ، فَأَنْزَلَ اللَّهِ تَعَالَى:" وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا 20".

[1] راجع ج 16 ص 210.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 354
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست