responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 338
الْمَعْنَى فَاسْتَمَرَّ بِهَا الْحَمْلُ، فَهُوَ مِنَ الْمَقْلُوبِ، كَمَا تَقُولُ: أَدْخَلْتُ الْقَلَنْسُوَةَ فِي رَأْسِي. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ" فَمَارَتْ بِهِ" بِأَلِفٍ وَالتَّخْفِيفِ، مِنْ مَارَ يَمُورُ إِذَا ذَهَبَ وَجَاءَ وَتَصَرَّفَ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَيَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ" فَمَرَتْ بِهِ" خَفِيفَةً مِنَ الْمِرْيَةِ، أَيْ شَكَّتْ فِيمَا أَصَابَهَا، هَلْ هُوَ حَمْلٌ أَوْ مَرَضٌ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ) صَارَتْ ذَاتَ ثِقْلٍ، كَمَا تَقُولُ: أَثْمَرَ النَّخْلُ. وَقِيلَ: دَخَلَتْ فِي الثِّقْلِ، كَمَا تَقُولُ: أَصْبَحَ وَأَمْسَى. (دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما) الضَّمِيرُ فِي" دَعَوَا" عَائِدٌ عَلَى آدَمَ وَحَوَّاءَ. وَعَلَى هَذَا القول رُوِيَ فِي قَصَصِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ حَوَّاءَ لَمَّا حَمَلَتْ أَوَّلَ حَمْلٍ لَمْ تَدْرِ مَا هُوَ. وَهَذَا يُقَوِّي قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ" فَمَرَتْ بِهِ" بِالتَّخْفِيفِ. فَجَزِعَتْ بِذَلِكَ، فَوَجَدَ إِبْلِيسُ السَّبِيلَ إِلَيْهَا. قَالَ الْكَلْبِيُّ: إِنَّ إِبْلِيسَ أَتَى حَوَّاءَ فِي صُورَةِ رَجُلٍ لَمَّا أَثْقَلَتْ فِي أَوَّلِ مَا حَمَلَتْ فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي فِي بَطْنِكِ؟ قَالَتْ: مَا أَدْرِي! قَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَهِيمَةً. فَقَالَتْ ذَلِكَ لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. فَلَمْ يَزَالَا فِي هَمٍّ مِنْ ذَلِكَ. ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا فَقَالَ: هُوَ مِنَ اللَّهِ بِمَنْزِلَةٍ، فَإِنْ دَعَوْتُ اللَّهَ فَوَلَدْتِ إِنْسَانًا أَفَتُسَمِّينَهُ [1] بِي؟ قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي أَدْعُو اللَّهَ. فَأَتَاهَا وَقَدْ وَلَدَتْ فَقَالَ: سَمِّيهِ بِاسْمِي. فَقَالَتْ: وَمَا اسْمُكَ؟ قَالَ: الْحَارِثُ- وَلَوْ سَمَّى لَهَا نَفْسَهُ لَعَرَفَتْهُ- فَسَمَّتْهُ عَبْدَ الْحَارِثِ. وَنَحْوَ هَذَا مَذْكُورٌ مِنْ ضَعِيفِ الْحَدِيثِ، فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ كَثِيرٌ لَيْسَ لَهَا ثَبَاتٌ، فَلَا يعول عليها من لم قَلْبٌ، فَإِنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَإِنْ غَرَّهُمَا بِاللَّهِ الْغَرُورُ فَلَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ سُطِّرَ وَكُتِبَ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" خَدَعَهُمَا مَرَّتَيْنِ (خَدَعَهُمَا) فِي الْجَنَّةِ وَخَدَعَهُمَا فِي الْأَرْضِ". وَعُضِّدَ هَذَا بِقِرَاءَةِ السُّلَمِيِّ" أَتُشْرِكُونَ" بِالتَّاءِ. وَمَعْنَى (صَالِحًا) يُرِيدُ وَلَدًا سَوِيًّا. (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) 190 وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ الشِّرْكِ الْمُضَافِ إِلَى آدَمَ وَحَوَّاءَ، وَهِيَ: الثَّالِثَةُ- قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَ شركا في التسمية والصفة، لا في العباد وَالرُّبُوبِيَّةِ. وَقَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: إِنَّهُمَا لَمْ يَذْهَبَا إِلَى أَنَّ الْحَارِثَ رَبُّهُمَا بِتَسْمِيَتِهِمَا وَلَدَهُمَا عَبْدَ الحارث،

[1] في الأصول فتسميه.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 338
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست