responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 290
فَعَلَ ذَلِكَ لِمَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ فَيُعَرِّفُهُ مَا جَرَى لِيَرْجِعَ فَيَتَلَافَاهُمْ، وَلِهَذَا قَالَ:" يَا هارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ [1] 20: 93 - 92" الْآيَةَ. فَبَيَّنَ هَارُونُ أَنَّهُ إِنَّمَا أَقَامَ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْقَتْلِ. فَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ لِمَنْ خَشِيَ الْقَتْلَ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ تغيير المنكر أن يسكت. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي" آلِ عِمْرَانَ «[2]» " ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْغَضَبَ لَا يُغَيِّرُ الْأَحْكَامَ كَمَا زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ، فَإِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُغَيِّرْ غَضَبُهُ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِهِ، بَلِ اطَّرَدَتْ عَلَى مَجْرَاهَا مِنْ إِلْقَاءِ لَوْحٍ وَعِتَابِ أَخٍ وَصَكِّ مَلَكٍ. الهدوي: لِأَنَّ غَضَبَهُ كَانَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَسُكُوتَهُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ خَوْفًا أَنْ يَتَحَارَبُوا أَوْ يَتَفَرَّقُوا. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ ابْنَ أُمَّ) 150 وَكَانَ ابْنَ أُمِّهِ وَأَبِيهِ. وَلَكِنَّهَا كَلِمَةُ لِينٍ وَعَطْفٍ. قَالَ الزَّجَّاجُ: قِيلَ كَانَ هَارُونُ أَخَا مُوسَى لأمه لا لأبيه. وقرى بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا، فَمَنْ فَتَحَ جَعَلَ" ابْنَ أُمَّ 150" اسْمًا وَاحِدًا كَخَمْسَةَ عَشَرَ، فَصَارَ كَقَوْلِكَ: يَا خَمْسَةَ عَشَرَ أَقْبِلُوا. وَمَنْ كَسَرَ الْمِيمَ جعله مضاف إِلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ ثُمَّ حَذَفَ يَاءَ الْإِضَافَةِ، لِأَنَّ مَبْنَى النِّدَاءِ عَلَى الْحَذْفِ، وَأَبْقَى الْكَسْرَةَ فِي الْمِيمِ لِتَدُلَّ عَلَى الْإِضَافَةِ، كَقَوْلِهِ:" يَا عِبادِ [3] 10". يَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ ابْنِ السَّمَيْقَعِ" يَا بن أُمِّي" بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ عَلَى الْأَصْلِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ والفراء وأبو عبيد:"ابْنَ أُمَّ 20: 94
" بالفتح، تقديره يا بن أُمَّاهُ. وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ: هَذَا الْقَوْلُ خَطَأٌ، لِأَنَّ الْأَلِفَ خَفِيفَةٌ لَا تُحْذَفُ، وَلَكِنْ جَعَلَ الِاسْمَيْنِ اسما واحدا. وقال الأخفش وأبو حاتم:"ابْنَ أُمَّ 20: 94
" بِالْكَسْرِ كَمَا تَقُولُ: يَا غُلَامُ غُلَامِ أَقْبِلْ، وَهِيَ لُغَةٌ شَاذَّةٌ وَالْقِرَاءَةُ بِهَا بَعِيدَةٌ. وَإِنَّمَا هَذَا فِيمَا يَكُونُ مُضَافًا إِلَيْكَ، فَأَمَّا الْمُضَافُ إِلَى مُضَافٍ إِلَيْكَ فَالْوَجْهُ أَنْ تقول: يا غلام غلامي، ويا بن أخي. وجوزوا يا بن أُمَّ، يَا بْنَ عَمَّ، لِكَثْرَتِهَا فِي الْكَلَامِ. قَالَ الزَّجَّاجُ وَالنَّحَّاسُ: وَلَكِنْ لَهَا وَجْهٌ حَسَنٌ جَيِّدٌ، يُجْعَلُ الِابْنُ مَعَ الْأُمِّ وَمَعَ الْعَمِّ اسْمًا وَاحِدًا، بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ: يَا خَمْسَةَ عَشَرَ أَقْبِلُوا، فَحُذِفَتِ الْيَاءُ كَمَا حُذِفَتْ مِنْ يَا غُلَامِ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي اسْتَذَلُّونِي وَعَدُّونِي ضَعِيفًا. وَكَادُوا أَيْ قَارَبُوا. يَقْتُلُونَنِي بِنُونَيْنِ، لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ. وَيَجُوزُ الْإِدْغَامُ فِي غَيْرِ [4] الْقُرْآنِ. فَلَا تشمت بى الأعداء

[1] راجع ج 11 ص 236.
[2] راجع ج 4 ص 47.
[3] راجع ج 15 ص 243.
[4] راجع ج 15 ص 276 ففيه خلاف هذا.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 290
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست