responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 206
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ) أَيْ لِأَرْوَاحِهِمْ. جَاءَتْ بِذَلِكَ أَخْبَارٌ صِحَاحٌ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ (التَّذْكِرَةِ). مِنْهَا حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَفِيهِ فِي قَبْضِ رُوحِ الْكَافِرِ قَالَ: وَيَخْرُجُ مِنْهَا رِيحٌ كَأَنْتَنِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذِهِ الرُّوحُ الخبيثة. فيقولون فلان بن فُلَانٍ، بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ فَلَا يُفْتَحُ لَهُمْ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ" الْآيَةَ. وَقِيلَ: لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ إِذَا دَعَوْا، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَالنَّخَعِيُّ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، لِأَنَّ الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ. وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) وَالْجَمَلُ لَا يَلِجُ فَلَا يَدْخُلُونَهَا الْبَتَّةَ. وَهَذَا دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُمْ. وَعَلَى هَذَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْخَطَأُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يَغْفِرُ لَهُمْ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْهُمْ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا إِجْمَاعًا مِنَ الْأُمَّةِ؟ وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ بِأَنَّ مُقَلِّدَةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ لَيْسُوا فِي النَّارِ. قِيلَ لَهُ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ الْمُقَلِّدُ كَافِرًا لِشُبْهَةٍ دَخَلَتْ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَزْعُمُوا أَنَّ الْمُقَلِّدَ كَافِرٌ وَأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لَيْسَ فِي النَّارِ، وَالْعِلْمُ بِأَنَّ الْمُقَلِّدَ كَافِرٌ أَوْ غَيْرُ كَافِرٍ طَرِيقُهُ النَّظَرُ دُونَ التَّوْقِيفِ وَالْخَبَرِ. وقرا حمزة والكسائي:" لا تُفَتَّحُ" بِالْيَاءِ مَضْمُومَةٍ عَلَى تَذْكِيرِ الْجَمْعِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ عَلَى تَأْنِيثِ الْجَمَاعَةِ، كَمَا قَالَ:" مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ «[1]» " فَأَنَّثَ. وَلَمَّا كَانَ التَّأْنِيثُ فِي الْأَبْوَابِ غَيْرَ حَقِيقِيٍّ جَازَ تَذْكِيرُ الْجَمْعِ. وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِالْيَاءِ وَخَفَّفَ أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ، عَلَى مَعْنَى أَنَّ التَّخْفِيفَ يَكُونُ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَالتَّشْدِيدَ لِلتَّكْثِيرِ وَالتَّكْرِيرِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ لَا غَيْرَ، وَالتَّشْدِيدُ هُنَا أَوْلَى لِأَنَّهُ عَلَى الْكَثِيرِ أَدَلُّ. وَالْجَمَلُ مِنَ الْإِبِلِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْجَمَلُ زَوْجُ النَّاقَةِ. وَكَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْجَمَلِ فَقَالَ: هُوَ زَوْجُ النَّاقَةِ، كَأَنَّهُ اسْتَجْهَلَ مَنْ سأله عما يعرفه الناس جميعا. والجمع

[1] راجع ج 15 ص 219.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 206
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست