responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 192
وَالْأَسْنَانِ وَالطُّعْمَانِ. ثُمَّ قِيلَ: فِي قِلَّةِ الْأَكْلِ مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ أَصَحَّ جِسْمًا وَأَجْوَدَ حِفْظًا وَأَزْكَى فَهْمًا وَأَقَلَّ نَوْمًا وَأَخَفَّ نَفْسًا. وَفِي كَثْرَةِ الْأَكْلِ كَظُّ الْمَعِدَةِ وَنَتَنُ التُّخْمَةِ [1]، وَيَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْأَمْرَاضُ الْمُخْتَلِفَةُ، فَيَحْتَاجُ مِنَ الْعِلَاجِ أَكْثَرَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْقَلِيلُ الْأَكْلِ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: أَكْبَرُ الدَّوَاءِ تَقْدِيرُ الْغِذَاءِ. وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا شَافِيًا يُغْنِي عَنْ كَلَامِ الْأَطِبَّاءِ فَقَالَ: (مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ لُقَيْمَاتٍ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ (. خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: لَوْ سَمِعَ بُقْرَاطُ هَذِهِ الْقِسْمَةَ لَعَجِبَ مِنْ هَذِهِ الْحِكْمَةِ. وَيُذْكَرُ أَنَّ الرَّشِيدَ كَانَ لَهُ طَبِيبٌ نَصْرَانِيٌّ حَاذِقٌ فَقَالَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: لَيْسَ فِي كِتَابِكُمْ مِنْ عِلْمِ الطب شي، وَالْعِلْمُ عِلْمَانِ: عِلْمُ الْأَدْيَانِ وَعِلْمُ الْأَبَدَانِ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: قَدْ جَمَعَ اللَّهُ الطِّبَّ كُلَّهُ فِي نِصْفِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِنَا. فَقَالَ لَهُ: مَا هِيَ؟ قَالَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:" وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا". فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: وَلَا يُؤْثَرُ عن رسولكم شي مِنَ الطِّبِّ. فَقَالَ عَلِيٌّ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطِّبَّ فِي أَلْفَاظٍ يَسِيرَةٍ [2]. قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: (الْمَعِدَةُ بَيْتُ الْأَدْوَاءِ وَالْحِمْيَةُ رَأْسُ كُلِّ دَوَاءٍ وَأَعْطِ كُلَّ جَسَدٍ مَا عَوَّدْتَهُ). فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: مَا تَرَكَ كِتَابُكُمْ وَلَا نَبِيُّكُمْ لِجَالِينُوسَ طِبًّا. قُلْتُ: وَيُقَالُ إِنَّ مُعَالَجَةَ الْمَرِيضِ نِصْفَانِ: نِصْفٌ دَوَاءٌ وَنِصْفٌ حمية: فإن اجتمعا فكأنك بالمريض قد برأ وصح. وإلا فالحمية به أولى، إذ يَنْفَعُ دَوَاءٌ مَعَ تَرْكِ الْحِمْيَةِ. وَلَقَدْ تَنْفَعُ الْحِمْيَةُ مَعَ تَرْكِ الدَّوَاءِ. وَلَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَصْلُ كُلِّ دَوَاءٍ الْحِمْيَةُ). وَالْمَعْنِيُّ بِهَا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّهَا تُغْنِي عَنْ كُلِّ دَوَاءٍ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ: إِنَّ الْهِنْدَ جُلُّ مُعَالَجَتِهِمُ الْحِمْيَةُ، يَمْتَنِعُ الْمَرِيضُ عَنِ الْأَكْلِ وَالشَّرَابِ وَالْكَلَامِ عِدَّةَ أَيَّامٍ فَيَبْرَأُ وَيَصِحُّ. الْخَامِسَةُ- رَوَى مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (الْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ وَالْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ). وَهَذَا مِنْهُ صَلَّى الله

[1] في ع: نتن للمنحة. قال الجوهري: الإنفحة هي الكرش.
[2] في ع: المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء. هكذا في الرواية المشهورة وليس بحديث بل هو من كلام الحارث بن كلدة طبيب العرب راجع كشف الخلفاء ج 2 ص 214. ففيه قيم في هذا الحديث.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 192
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست