responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 165
بِالْمِيزَانِ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: تُوزَنُ صَحَائِفُ أَعْمَالِ الْعِبَادِ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ عَلَى مَا يَأْتِي. وَقِيلَ: الْمِيزَانُ الْكِتَابُ الَّذِي فِيهِ أَعْمَالُ الْخَلْقِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمِيزَانُ الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ بِأَعْيَانِهَا. وَعَنْهُ أَيْضًا وَالضَّحَّاكِ وَالْأَعْمَشِ: الْوَزْنُ وَالْمِيزَانُ بِمَعْنَى الْعَدْلِ وَالْقَضَاءِ، وَذِكْرُ الْوَزْنِ ضَرْبُ مَثَلٍ، كَمَا تَقُولُ: هَذَا الْكَلَامُ فِي وَزْنِ هَذَا وَفِي وِزَانِهِ، أَيْ يُعَادِلُهُ وَيُسَاوِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَزْنٌ. قَالَ الزَّجَّاجُ: هَذَا سَائِغٌ مِنْ جِهَةِ اللِّسَانِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُتَّبَعَ مَا جَاءَ فِي الْأَسَانِيدِ الصِّحَاحِ مِنْ ذِكْرِ الْمِيزَانِ. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَقَدْ أَحْسَنَ فِيمَا قَالَ، إِذْ لَوْ حُمِلَ الْمِيزَانُ عَلَى هذا فليحمل الصراط على الذين الْحَقِّ، وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ عَلَى مَا يَرِدُ عَلَى الْأَرْوَاحِ دُونَ الْأَجْسَادِ، وَالشَّيَاطِينُ وَالْجِنُّ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْمَذْمُومَةِ، وَالْمَلَائِكَةُ عَلَى الْقُوَى الْمَحْمُودَةِ. وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَخْذِ بِهَذِهِ الظَّوَاهِرِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ. وَإِذَا أَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِ التَّأْوِيلِ وَجَبَ الْأَخْذُ بِالظَّاهِرِ، وَصَارَتْ هَذِهِ الظَّوَاهِرُ نُصُوصًا. قَالَ ابْنُ فُورَكَ: وَقَدْ أَنْكَرَتِ الْمُعْتَزِلَةُ [1] الْمِيزَانَ بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَعْرَاضَ يَسْتَحِيلُ وَزْنُهَا، إِذْ لَا تَقُومُ بِأَنْفُسِهَا. وَمِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْلِبُ الْأَعْرَاضَ أَجْسَامًا فَيَزِنُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ عِنْدَنَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَوَازِينَ تَثْقُلُ بِالْكُتُبِ الَّتِي فِيهَا الْأَعْمَالُ مَكْتُوبَةٌ، وَبِهَا تَخِفُّ. وَقَدْ رُوِيَ فِي الْخَبَرِ مَا يُحَقِّقُ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ رُوِيَ (أَنَّ مِيزَانَ بَعْضِ بَنِي آدَمَ كَادَ يَخِفُّ بِالْحَسَنَاتِ فَيُوضَعُ فِيهِ رَقٌّ مَكْتُوبٌ فِيهِ" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" فَيَثْقُلُ). فَقَدْ علم أن لك يَرْجِعُ إِلَى وَزْنِ مَا كُتِبَ فِيهِ الْأَعْمَالُ لَا نَفْسَ الْأَعْمَالِ، وَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُخَفِّفُ الْمِيزَانَ إِذَا أَرَادَ، وَيُثَقِّلُهُ إِذَا أَرَادَ بِمَا يُوضَعُ فِي كِفَّتَيْهِ مِنَ الصُّحُفِ الَّتِي فِيهَا الْأَعْمَالُ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عُمَرَ: كَيْفَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّجْوَى [2]؟ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (يُدْنَى الْمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ فَيُقْرِرُهُ بِذُنُوبِهِ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَعْرِفُ قَالَ فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيُنَادَى بِهِمْ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا على الله (. فقوله:) فيعطى صحيفة حسناته)

[1] في ز: الإمامية. [ ..... ]
[2] يريد مناجاة الله تعالى للعبد يوم القيامة.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 165
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست