responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 148
مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ «[1]» " وَأَنَّ الْمُلْحِدَةَ وَالْمُنَجِّمَةَ عَنْ آخِرِهِمْ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ: هُوَ غَيْرُ كَائِنٍ، فَيُطْلِعُهَا اللَّهُ تَعَالَى يَوْمًا مِنَ الْمَغْرِبِ لِيُرِيَ الْمُنْكِرِينَ قُدْرَتَهُ أَنَّ الشَّمْسَ فِي مُلْكِهِ، إِنْ شَاءَ أَطْلَعَهَا مِنَ الْمَشْرِقِ وَإِنْ شَاءَ أَطْلَعَهَا مِنَ الْمَغْرِبِ. وَعَلَى هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَدُّ التَّوْبَةِ وَالْإِيمَانِ عَلَى مَنْ آمَنَ وَتَابَ مِنَ الْمُنْكِرِينَ لِذَلِكَ الْمُكَذِّبِينَ لِخَبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطُلُوعِهَا، فَأَمَّا الْمُصَدِّقُونَ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ وَيَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ. وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُقْبَلُ مِنْ كَافِرٍ [2] عَمَلٌ وَلَا تَوْبَةٌ إِذَا أَسْلَمَ حِينَ يَرَاهَا، إِلَّا مَنْ كَانَ صَغِيرًا يَوْمَئِذٍ، فَإِنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ. وَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا مُذْنِبًا فَتَابَ مِنَ الذَّنْبِ قُبِلَ مِنْهُ. وَرُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ (تَوْبَتُهُ [3]) وَقْتَ طُلُوعِ (الشَّمْسِ [4]) حِينَ تَكُونُ صَيْحَةٌ فَيَهْلِكُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنْ أَسْلَمَ أَوْ تَابَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهَلَكَ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ، وَمَنْ تَابَ بَعْدَ ذَلِكَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ، ذَكَرَهُ أَبُو الليث السمر قندي فِي تَفْسِيرِهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: يَبْقَى النَّاسُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا مائة وعشرين سنة حتى يغرسوا النحل. وَاللَّهُ بِغَيْبِهِ أَعْلَمُ. وَقَرَأَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزبير «[5]» " يوم تأتي" بالتاء، مثل" تلقطه بَعْضُ السَّيَّارَةِ «[6]» ". وَذَهَبَتْ بَعْضُ أَصَابِعِهِ. وَقَالَ جَرِيرٌ:
لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ ... سُوَرُ الْمَدِينَةِ وَالْجِبَالُ الْخُشَّعُ «7»
قَالَ الْمُبَرِّدُ: التَّأْنِيثُ عَلَى الْمُجَاوَرَةِ لِمُؤَنَّثٍ لَا عَلَى الْأَصْلِ. وَقَرَأَ ابْنُ سِيرِينَ" لَا تَنْفَعُ" بِالتَّاءِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يَذْكُرُونَ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ مِنَ ابْنِ سِيرِينَ. قَالَ النحاس: في هذا شي دَقِيقٌ مِنَ النَّحْوِ ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِيمَانَ وَالنَّفْسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْتَمِلٌ عَلَى الْآخَرِ فَأَنَّثَ الْإِيمَانَ إِذْ هُوَ مِنَ النَّفْسِ وَبِهَا، وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:
مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ ... أَعَالِيَهَا مَرُّ الرياح النواسم «8»

[1] راجع ج 3 ص 283.
[2] في ك: إيمانه ولا توبته ولا عمل.
[3] من ك.
[4] من ك.
[5] في ك: ابن مسعود.
[6] راجع ج 9 ص 131.
(7). وصف مقتل الزبير بن العوام صَاحِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ انصراف يوم الجمل وقتل في الطريق غيلة.
(8). البيت لذي الرمة. وصف نساء، فيقول: إذا مشين اهتززن في مشين وتثنين فكأنهن رماح نصب فمرت عليها الرياح فاهتزت وتثنت.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 148
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست