responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 146
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَعْنَاهُ: أَنَّ الشَّمْسَ تُحْبَسُ عَنِ النَّاسِ- حِينَ تَكْثُرُ الْمَعَاصِي فِي الْأَرْضِ، وَيَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ فَلَا يَأْمُرُ بِهِ أَحَدٌ، وَيَفْشُو الْمُنْكَرُ فَلَا يُنْهَى عَنْهُ- مِقْدَارَ لَيْلَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ، كُلَّمَا سَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ رَبَّهَا تَعَالَى مِنْ ابن تَطْلُعُ لَمْ يَجِئْ [1] لَهَا جَوَابٌ حَتَّى يُوَافِيَهَا الْقَمَرُ فَيَسْجُدَ مَعَهَا، وَيَسْتَأْذِنَ مِنْ أَيْنَ يَطْلُعُ فَلَا يُجَاءُ [2] إِلَيْهِمَا جَوَابٌ حَتَّى يُحْبَسَا مِقْدَارَ ثَلَاثِ لَيَالٍ لِلشَّمْسِ وَلَيْلَتَيْنِ لِلْقَمَرِ، فَلَا يَعْرِفُ طُولَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلَّا الْمُتَهَجِّدُونَ فِي الْأَرْضِ وَهُمْ يَوْمَئِذٍ عِصَابَةٌ قَلِيلَةٌ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا تَمَّ لَهُمَا مِقْدَارُ ثَلَاثِ لَيَالٍ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِمَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَقُولُ: (إِنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يأمر كما أَنْ تَرْجِعَا إِلَى مَغَارِبِكُمَا فَتَطْلُعَا مِنْهُ، وَأَنَّهُ لَا ضَوْءَ لَكُمَا عِنْدَنَا وَلَا نُورَ) فَيَطْلُعَانِ مِنْ مَغَارِبِهِمَا أَسْوَدَيْنِ، لَا ضَوْءَ لِلشَّمْسِ وَلَا نُورَ لِلْقَمَرِ، مِثْلُهُمَا فِي كُسُوفِهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ (تَعَالَى «[3]»:" وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ «[4]» " وَقَوْلُهُ:" إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ «[5]» " فَيَرْتَفِعَانِ كَذَلِكَ مِثْلَ الْبَعِيرَيْنِ المقرونين، فإذا ما الشمس والقمر سرة السماء وهي منصفها جَاءَهُمَا جِبْرِيلُ (عَلَيْهِ [6] السَّلَامُ) فَأَخَذَ بِقُرُونِهِمَا وَرَدَّهُمَا إِلَى الْمَغْرِبِ، فَلَا يُغَرِّبُهُمَا مِنْ مَغَارِبِهِمَا وَلَكِنْ يُغَرِّبُهُمَا مِنْ بَابِ التَّوْبَةِ ثُمَّ يَرُدُّ الْمِصْرَاعَيْنِ، ثُمَّ يَلْتَئِمُ مَا بَيْنَهُمَا فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا صَدْعٌ. فَإِذَا أُغْلِقَ بَابُ التَّوْبَةِ لَمْ تُقْبَلْ لِعَبْدٍ بَعْدَ ذَلِكَ تَوْبَةٌ، وَلَمْ تَنْفَعْهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَسَنَةٌ يَعْمَلُهَا، إِلَّا مَنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنًا فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَذَلِكَ قول تَعَالَى: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً.) ثُمَّ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يُكْسَيَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الضَّوْءَ وَالنُّورَ، ثُمَّ يَطْلُعَانِ عَلَى النَّاسِ وَيَغْرُبَانِ كَمَا [7] كَانَا قَبْلَ ذَلِكَ يَطْلُعَانِ وَيَغْرُبَانِ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَإِنَّمَا لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا عِنْدَ طُلُوعِهَا مِنْ مَغْرِبِهَا، لِأَنَّهُ خَلَصَ إِلَى قُلُوبِهِمْ مِنَ الْفَزَعِ مَا تَخْمَدُ مَعَهُ كُلُّ شَهْوَةٍ مِنْ شَهَوَاتِ النَّفْسِ، وَتَفْتُرُ كُلُّ قُوَّةٍ مِنْ قُوَى الْبَدَنِ، فَيَصِيرُ النَّاسُ كُلُّهُمْ لِإِيقَانِهِمْ بِدُنُوِّ الْقِيَامَةِ فِي حَالِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ فِي انْقِطَاعِ الدَّوَاعِي إِلَى أَنْوَاعِ الْمَعَاصِي عَنْهُمْ، وَبُطْلَانِهَا مِنْ أَبْدَانِهِمْ، فَمَنْ تَابَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ، كَمَا لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ يقبل توبة

[1] في ى ز: يخرج. وفى ب: فلا يحار إليها.
[2] في ز: يجاب. وفى ب ك: يحار.
[3] من ز ك.
[4] راجع ج 19 ص 94 وص 225.
[5] راجع ج 19 ص 94 وص 225.
[6] من ز ك.
[7] في ز: على ما.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 146
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست