responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 122
قُلْتُ: ذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ قَالَ: رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقِرْدِ يُقْتَلُ فِي الْحَرَمِ فَقَالَ: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ. قَالَ: فَعَلَى مَذْهَبِ عَطَاءٍ يَجُوزُ أَكْلُ لَحْمِهِ، لِأَنَّ الْجَزَاءَ لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ قَتَلَ غَيْرَ الصَّيْدِ. وَفِي (بَحْرِ الْمَذْهَبِ) لِلرُّويَانِيِّ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ بَيْعُ الْقِرْدِ لِأَنَّهُ يُعَلَّمُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ لِحِفْظِ الْمَتَاعِ. وَحَكَى الْكَشْفَلِيُّ عَنِ ابْنِ شُرَيْحٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ. فَقِيلَ لَهُ: وَمَا وَجْهُ الِانْتِفَاعِ بِهِ؟ قَالَ تَفْرَحُ بِهِ الصِّبْيَانُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَالْكَلْبُ وَالْفِيلُ وَذُو النَّابِ كُلُّهُ عِنْدِي مِثْلُ الْقِرْدِ. وَالْحُجَّةُ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا فِي قَوْلِ غَيْرِهِ. وَقَدْ زَعَمَ نَاسٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَرَبِ مَنْ يَأْكُلُ لَحْمَ الْكَلْبِ إِلَّا قَوْمٌ مِنْ فَقْعَسَ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا. فِي رِوَايَةٍ: عَنِ الْجَلَّالَةِ فِي الْإِبِلِ أَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا أَوْ يُشْرَبَ مِنْ أَلْبَانِهَا. قال الحليمي أبو عبد الله: فأما الحلالة فَهِيَ الَّتِي تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ مِنَ الدَّوَابِّ وَالدَّجَاجِ المخلاة. ونهى النبي عَنْ لُحُومِهَا. وَقَالَ الْعُلَمَاءُ: كُلُّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا رِيحُ الْعَذِرَةِ فِي لَحْمِهِ أَوْ طَعْمِهِ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا لَمْ يَظْهَرْ فَهُوَ حَلَالٌ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا نَهْيُ تَنَزُّهٍ وَتَنَظُّفٍ، وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذَا اغْتَذَتِ الْجِلَّةَ وَهِيَ الْعَذِرَةُ وُجِدَ نَتْنُ رَائِحَتِهَا فِي لُحُومِهَا، وَهَذَا إِذَا كَانَ غَالِبُ عَلَفِهَا مِنْهَا، فَأَمَّا إِذَا رَعَتِ الْكَلَأَ وَاعْتَلَفَتِ الْحَبَّ وَكَانَتْ تَنَالُ مَعَ ذَلِكَ شَيْئًا مِنَ الْجِلَّةِ فَلَيْسَتْ بِجَلَّالَةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ كَالدَّجَاجِ الْمُخَلَّاةِ، وَنَحْوِهَا مِنَ الْحَيَوَانِ الَّذِي رُبَّمَا نَالَ الشَّيْءَ مِنْهَا وَغَالِبُ غِذَائِهِ وَعَلَفِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُكْرَهُ أَكْلُهَا. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: لَا تُؤْكَلُ حَتَّى تُحْبَسَ أَيَّامًا وَتُعْلَفَ عَلَفًا غَيْرَهَا، فَإِذَا طَابَ لَحْمُهَا أُكِلَتْ. وَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ (أَنَّ الْبَقَرَ تُعْلَفُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يُؤْكَلُ لَحْمُهَا). وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يحبس الدجاج ثلاثا ثم يذبح. وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا بَعْدَ أَنْ يُغْسَلَ لَحْمُهَا غَسْلًا جَيِّدًا. وَكَانَ الْحَسَنُ لَا يَرَى بَأْسًا بِأَكْلِ لَحْمِ الْجَلَّالَةِ، وَكَذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ نُهِيَ أَنْ تُلْقَى فِي الْأَرْضِ الْعَذِرَةُ. رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: كُنَّا نَكْرِي أَرْضَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَشْتَرِطُ عَلَى مَنْ يُكْرِيهَا أَلَّا يُلْقِيَ فِيهَا الْعَذِرَةَ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُكْرِي أَرْضَهُ وَيَشْتَرِطُ أَلَّا تُدْمَنَ [1] بالعذرة. وروي أن رجل كَانَ يَزْرَعُ أَرْضَهُ بِالْعَذِرَةِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أنت الذي تطعم الناس ما يخرج ما منهم.

[1] دمن الأرض (من باب نصر): أصلحها بالسرجين. وهو السماد. وفى ب وك: تدنس.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 122
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست