قَوْله - تَعَالَى -: {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} اخْتلفُوا فِي سَبَب نزُول الْآيَة على ثَلَاثَة أَقْوَال: قَالَ زيد بن ثَابت: هَذَا فِي الَّذين تخلفوا عَن رَسُول الله يَوْم أحد، فَقَالَ بعض الصَّحَابَة لرَسُول الله: اعْفُ عَنْهُم؛ فَإِنَّهُم تكلمُوا بِالْإِسْلَامِ. وَقَالَ بَعضهم: اقتلهم؛ فَإِنَّهُم مُنَافِقُونَ؛ فَنزلت الْآيَة {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} " أَي: مَا لكم افترقتم فيهم فرْقَتَيْن؟ عتب عَلَيْهِم بالاختلاف بَينهم، وَحكم بنفاقهم.
وَقَالَ مُجَاهِد: الْآيَة فِي جمَاعَة من أهل مَكَّة هَاجرُوا إِلَى الْمَدِينَة، وَأَسْلمُوا، ثمَّ اسْتَأْذنُوا رَسُول الله فِي الرُّجُوع إِلَى مَكَّة، بعلة أَن لَهُم بهَا بضائع؛ فَرَجَعُوا، وَارْتَدوا فَقَالَ بعض أَصْحَابه: هم مُسلمُونَ؛ لأَنهم تكلمُوا بِالْإِسْلَامِ، وَقَالَ بَعضهم: هم قد نافقوا؛ فَنزل قَوْله تَعَالَى: {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} وَحكى مُجَاهِد هَذَا عَن ابْن عَبَّاس.
وَالْقَوْل الثَّالِث وَهُوَ الرِّوَايَة الثَّانِيَة عَن ابْن عَبَّاس: أَن الْآيَة فِي قوم من الْمُشْركين أَسْلمُوا بِمَكَّة، وَكَانُوا يعاونون الْمُشْركين، ويظاهرونهم؛ فَاخْتلف الصَّحَابَة فيهم
{سَيِّئَة يكن لَهُ كفل مِنْهَا وَكَانَ الله على كل شئ مقيتا (85) وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَو ردوهَا إِن الله كَانَ على كل شئ حسيبا (86) الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ ليجمعنكم إِلَى يَوْم}