اسم الکتاب : تفسير الخازن لباب التأويل في معاني التنزيل المؤلف : الخازن الجزء : 1 صفحة : 184
وقيل له إن صاحبكم الذي يقتل جالوت هو الذي إذا وضع هذا القرن على رأسه سال على رأسه حتى يدهن من رأسه ولا يسيل على وجهه بل يكون على رأسه كهيئة الإكليل ويدخل في هذا التنور فيملؤه ولا يتقلقل فيه فدعا طالوت بني إسرائيل وجربهم فلم يوافقه أحد منهم فأوحى الله إلى نبيهم إن في ولد إيشا من يقتل جالوت فدعا طالوت إيشا وقال له أعرض على بنيك فأخرج له اثني عشر رجلا أمثال السواري فجعل يعرض واحدا واحدا على القرن فلا يرى شيئا فقال لإيشا هل بقي لك ولد غير هؤلاء فقال لا؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم يا رب إنه قد زعم أنه لا ولد غيرهم فقال له كذب فقال له النبي: إن ربي قد كذبك، فقال إيشا: صدق ربي يا نبي الله إن لي ولدا صغيرا مسقاما اسمه داود استحييت أن يراه الناس لقصر قامته وحقارته فجعلته في الغنم يرعاها وهو في شعب كذا وكان داود عليه السلام رجلا قصيرا مسقاما أزرق أمعر مصفرا فدعا به طالوت ويقال إنه خرج إليه فوجده في الوادي وقد سال الوادي ماء وهو يحمل شاتين شاتين يعبر بهما السيل إلى الزريبة التي يريح فيها غنمه، فلما رآه طالوت قال هذا هو الرجل المطلوب لا شك فيه فهذا يرحم البهائم فهو بالناس أرحم، فدعاه طالوت ووضع القرن على رأسه فنش وفاض فقال له طالوت هل لك أن تقتل جالوت وأزوجك ابنتي وأجري خاتمك في ملكي قال نعم فقال له: هل أنست من نفسك شيئا تتقوى به على قتله قال نعم أنا أرعى الغنم فيجيء الأسد أو النمر أو الذئب فيأخذ شاة من الغنم فأقوم فأفتح لحييه عنها وأخرجها من قفاه، فأخذ طالوت داود ورده إلى العسكر، فمر داود عليه السلام في طريقه بحجر فناداه يا داود احملني فإني حجر هارون فحمله ثم مر بحجر آخر. فقال يا داود احملني فإني حجر موسى فحمله ثم مر بحجر آخر فقال له: يا داود احملني فإني حجرك الذي تقتل به جالوت، فحمله فوضع الثلاثة في مخلاته، فلما رجع طالوت إلى العسكر ومعه داود وتصافوا للقتال برز جالوت يطلب المبارزة فانتدب له داود عليه السلام فأعطى داود فرسا وسلاحا فلبس السلاح وركب الفرس وسار قريبا ثم رجع إلى طالوت فقال من حوله: جبن الغلام فجاء فوقف على طالوت فقال له ما شأنك فقال له داود عليه السلام إن لم ينصرني ربي لم يغن هذا السلاح عني شيئا وإن نصرني فلا حاجة لي به فدعني أقاتل كما أريد قال نعم فأخذ داود مخلاته وتقلدها وأخذ المقلاع بيده ومضى نحو جالوت وكان جالوت من أشد الناس وأقواهم وكان يهزم الجيوش وحده وكان له بيضة حديد وزنها ثلاثمائة رطل فلما نظر إلى داود وهو يريده وقع الرعب في قلبه فقال له: جالوت وأنت تبرز لي قال: نعم وكان جالوت على فرس
أبلق عليه السلاح التام فقال: اتيتني بالمقلاع والحجر كما يؤتى الكلب فقال: نعم وأنت شر من الكلب. قال جالوت: لا جرم لأقسمن لحمك بين سباع الأرض وطير السماء، فقال داود عليه السلام: أو يقسم الله لحمك، ثم قال داود: باسم إله إبراهيم، وأخرج حجرا ثم قال باسم إله إسحاق وأخرج حجرا ثم قال باسم إله يعقوب وأخرج حجرا ووضعها في مقلاعه فصارت الثلاثة حجرا واحدا، وأدار داود المقلاع ورمي به جالوت فسخر الله له الريح فحملت الحجر حتى أصاب أنف البيضة فخلط دماغ جالوت وخرج من قفاه وقتل من ورائه ثلاثين رجلا، وخر جالوت صريعا قتيلا، فأخذ داود يجره حتى ألقاه بين يدي طالوت ففرح بنو إسرائيل بذلك فرحا شديدا وهزم الله الجيش فرجع طالوت بالناس إلى المدينة سالمين غانمين وجعل الناس يذكرون داود فجاء داود إلى طالوت وقال له. أنجز لي ما وعدتني به فقال له أتريد ابنة الملك بغير صداق فقال له داود ما شرطت علي صداقا وليس لي شيء فقال: لا أكلفك إلّا ما تطيق أنت رجل جريء وفي حيالنا أعداء لنا غلف فإن قتلت مائتي رجل وجئتني بغلفهم زوجتك ابنتي فأتاهم فجعل كلما قتل واحدا منهم نظم غلفته في خيط حتى نظم مائتي غلفة فجاء بها إلى طالوت وألقاها بين يديه وقال ادفع إلي امرأتي فزوجه ابنته وأجرى خاتمه في ملكه، فمال الناس إلى داود عليه السلام وأحبوه وأكثروا ذكره فحسده طالوت وأراد قتله فأخبر بذلك ابنة طالوت رجل يقال له ذو العينين فأخبرت بذلك داود وقالت له: إنك مقتول الليلة قال ومن يقتلني قالت: أبي قال: وهل أجرمت جرما يوجب القتل قالت حدثني بذلك من لا يكذب ولا
اسم الکتاب : تفسير الخازن لباب التأويل في معاني التنزيل المؤلف : الخازن الجزء : 1 صفحة : 184