responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 55
أَيْ فِي بِئْرِ حُورٍ، وَالصَّحِيحُ مَا قَدَّمْنَاهُ، ولهذا روى أبو الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عليهم وغير الضالين) وهذا الإسناد صحيح، وكذلك حُكِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَرَأَ كذلك، وهو محمول على أنه صدر منهما عَلَى وَجْهِ التَّفْسِيرِ، فَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ إِنَّمَا جِيءَ بِهَا لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عليهم، وللفرق بين الطريقتين ليتجنب كُلٌّ مِنْهُمَا فَإِنَّ طَرِيقَةَ أَهْلِ الْإِيمَانِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْعِلْمِ بِالْحَقِّ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَالْيَهُودُ فَقَدُوا الْعَمَلَ، وَالنَّصَارَى فَقَدُوا الْعِلْمَ، وَلِهَذَا كَانَ الْغَضَبُ لِلْيَهُودِ وَالضَّلَالُ لِلنَّصَارَى، لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ وَتَرَكَ استحق الغضب خلاف مَنْ لَمْ يَعْلَمْ، وَالنَّصَارَى لَمَّا كَانُوا قَاصِدِينَ شَيْئًا لَكِنَّهُمْ لَا يَهْتَدُونَ إِلَى طَرِيقِهِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْتُوا الْأَمْرَ مِنْ بَابِهِ، وَهُوَ اتِّبَاعُ الرَّسُولِ الْحَقِّ، ضَلُّوا، وَكُلٌّ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ضَالٌّ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِ، لَكِنَّ أَخَصَّ أَوْصَافِ الْيَهُودِ الغضب كما قال تعالى عنهم مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ [الْمَائِدَةِ: 60] وَأَخَصُّ أوصاف النصارى الضلال كما قال تعالى عنهم قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ [الْمَائِدَةِ: 77] وَبِهَذَا جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ والآثار وذلك واضح بين فيما قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ [1] : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ سِمَاكَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ حُبَيْشٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ:
جَاءَتْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذُوا عَمَّتِي وَنَاسًا فَلَمَّا أَتَوْا بِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُفُّوا لَهُ فَقَالَتْ:
يا رسول الله، نأى الْوَافِدُ وَانْقَطَعَ الْوَلَدُ وَأَنَا عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ مَا بِي مِنْ خِدْمَةٍ فَمُنَّ عَلَيَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ، قَالَ «مَنْ وَافِدُكِ؟» قَالَتْ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ «الَّذِي فَرَّ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» قَالَتْ فَمَنَّ عَلَيَّ، فَلَمَّا رَجَعَ وَرَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ تَرَى أَنَّهُ عَلِيٌّ، قَالَ: سَلِيهِ حُمْلَانًا فَسَأَلَتْهُ فَأَمَرَ لَهَا، قَالَ فَأَتَتْنِي فَقَالَتْ: لَقَدْ فعلت فَعْلَةً مَا كَانَ أَبُوكَ يَفْعَلُهَا فَإِنَّهُ قَدْ أَتَاهُ فُلَانٌ فَأَصَابَ مِنْهُ وَأَتَاهُ فُلَانٌ فَأَصَابَ منه فأتيته فإذا عنده امرأة وصبيان، وَذَكَرَ قُرْبَهُمْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُلْكِ كِسْرَى وَلَا قَيْصَرَ، فَقَالَ «يَا عَدِيُّ مَا أَفَرَّكَ؟ أَنْ يُقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ فَهَلْ من إله إلا الله؟ مَا أَفَرَّكَ أَنْ يُقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَهَلْ شَيْءٌ أَكْبَرُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟» قَالَ: فأسلمت، فرأيت وجهه استبشر وقال: «إن الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمُ الْيَهُودُ وَإِنَّ الضَّالِّينَ النَّصَارَى» [2] ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ [3] ، وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِهِ: قُلْتُ: وَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سلمة عن

[1] المسند ج 7 ص 98- 99،
[2] ولهذا الحديث بقية تنظر في مظنتها المشار إليها. وعدي هذا هو ابن حاتم الطائي الجواد المشهور. كان نصرانيا وقد فرّ لما بعث النبي، ثم رجع وأسلم سنة 9 هـ وحسن إسلامه وصحبته. وقد قام في حرب الردة بأعمال كبيرة حتى قال ابن الأثير خير مولود في أرض طيء وأعظمه بركة عليهم (الأعلام 4/ 220) .
[3] الترمذي، كتاب التفسير، سورة 101.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 55
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست