responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 482
يَسْمَعْ عَمْرًا، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ، مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَأَبُو عِيَاضٍ وَالزُّهْرِيُّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَبِهِ كَانَ يَأْمُرُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَبِهِ يقول الأوزاعي وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ.
وَقَالَ طَاوُسٌ وَقَتَادَةُ: عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا نِصْفُ عُدَّةِ الْحُرَّةِ شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَالثَّوْرِيُّ والحسن بن صالح بن حيي: تَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَطَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ:
عِدَّتُهَا حَيْضَةٌ، وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ عُمَرَ وَالشَّعْبِيُّ وَمَكْحُولٌ وَاللَّيْثُ وَأَبُو عبيد وأبو ثور والجمهور، وقال اللَّيْثُ: وَلَوْ مَاتَ وَهِيَ حَائِضٌ، أَجْزَأَتْهَا. وَقَالَ مَالِكٌ: فَلَوْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ، فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ: شَهْرٌ وَثَلَاثَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا وُجُوبُ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مُدَّةَ عِدَّتِهَا لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ وَزَيْنَبَ بِنْتِ جحش أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَتِي تُوَفِّي عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنُهَا أَفَنَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ «لَا» كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ- لَا- مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ:
«إِنَّمَا هِيَ أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكم فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَمْكُثُ سَنَةً» قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، دَخَلَتْ حِفْشًا [1] وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا وَلَا شَيْئًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعْرَةً فَتَرْمِي بِهَا، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَيْرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ. فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مات، ومن هاهنا ذهب كثيرون مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِلْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ الآية، كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ.
وَالْغَرَضُ أَنَّ الْإِحْدَادَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ الزِّينَةِ مِنَ الطِّيبِ وَلُبْسِ مَا يَدْعُوهَا إِلَى الْأَزْوَاجِ مِنْ ثِيَابٍ وَحُلِيٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ وَاجِبٌ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَا يَجِبُ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَهَلْ يَجِبُ فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ فِيهِ قَوْلَانِ. وَيَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى جَمِيعِ الزَّوْجَاتِ الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الصَّغِيرَةُ وَالْآيِسَةُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَالْمُسَلَمَةَ وَالْكَافِرَةُ، لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: لَا إِحْدَادَ عَلَى الْكَافِرَةِ، وَبِهِ يَقُولُ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَحَجَّةُ قَائِلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يحل لا مرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد

[1] الحفش: البيت الحقير القريب السقف من الأرض. والبيت الصغير من بيوت الأعراب. والدرج تصنع المرأة فيه حاجتها.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 482
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست