responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 420
فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: وَأَيْنَ هُوَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: قَوْلُ اللَّهِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا الْآيَةَ، فَقَالَ سَعِيدٌ: قَدْ عَرَفْتُ فِيمَنْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ؟ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ، إِنَّ الْآيَةَ تَنْزِلُ فِي الرَّجُلِ ثُمَّ تَكُونُ عَامَّةً بَعْدُ. وَهَذَا الذِي قَالَهُ الْقُرَظِيُّ، حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى مَا فِي قَلْبِهِ فَقَرَأَهُ ابْنُ مُحَيْصِنٍ وَيُشْهِدُ اللَّهَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْجَلَالَةِ عَلى مَا فِي قَلْبِهِ وَمَعْنَاهَا أَنَّ هَذَا وَإِنْ أَظْهَرَ لَكُمُ الْحِيَلَ لَكِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مِنْ قَلْبِهِ الْقَبِيحِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ [الْمُنَافِقُونَ: 1] وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِضَمِّ الْيَاءِ ونصب الجلالة، يُشْهِدُ اللَّهَ عَلى مَا فِي قَلْبِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُظْهِرُ لِلنَّاسِ الْإِسْلَامَ وَيُبَارِزُ اللَّهَ بِمَا فِي قَلْبِهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ
[النِّسَاءِ: 108] ، هَذَا مَعْنَى مَا رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا أَظْهَرَ لِلنَّاسِ الْإِسْلَامَ حَلَفَ وَأَشْهَدَ اللَّهَ لَهُمْ أَنَّ الذِي فِي قَلْبِهِ مُوَافِقٌ لِلِسَانِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ، وَقَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَعَزَاهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَكَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ الألد في اللغة الْأَعْوَجُ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا [مَرْيَمَ: 97] أَيْ عُوجًا، وَهَكَذَا الْمُنَافِقُ فِي حَالِ خُصُومَتِهِ، يَكْذِبُ وَيَزْوَرُّ عَنِ الْحَقِّ وَلَا يَسْتَقِيمُ مَعَهُ، بَلْ يَفْتَرِي وَيَفْجُرُ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» . وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جريج، عن ابن مليكة عن عائشة ترفعه، قَالَ «إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ» قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ: حدثنا سفيان، حدثنا ابن جريج عن ابن مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ «إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ» وَهَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ «إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ» .
وَقَوْلُهُ وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسادَ أَيْ هُوَ أَعْوَجُ الْمَقَالِ سيء الْفِعَالِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ وَهَذَا فِعْلُهُ، كَلَامُهُ كَذِبٌ، وَاعْتِقَادُهُ فَاسِدٌ، وَأَفْعَالُهُ قَبِيحَةٌ، وَالسَّعْيُ- هَاهُنَا- هُوَ الْقَصْدُ، كَمَا قَالَ إِخْبَارًا عَنْ فِرْعَوْنَ ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى فَحَشَرَ فَنادى فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى، إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى [النَّازِعَاتِ: 22- 26] وَقَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ [الْجُمْعَةِ: 9] أَيِ اقْصُدُوا وَاعْمَدُوا نَاوِينَ بِذَلِكَ صَلَاةَ الْجُمْعَةِ، فَإِنَّ السَّعْيَ الْحِسِّيَّ إِلَى الصَّلَاةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ «إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ

اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 420
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست