responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 411
الْوَدَاعِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الظُّهْرَ إِلَى أَنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَقَالَ «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَقَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ «فَمَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ أَدْرَكَ» وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ.
وَذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إِلَى أَنَّ وَقْتَ الْوُقُوفِ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لَامٍ الطَّائِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُزْدَلِفَةِ حِينَ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي جِئْتُ مِنْ جبل طيء، أَكْلَلْتُ رَاحِلَتِي، وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي، وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ جَبَلٍ إِلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ، فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هَذِهِ، فَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ وَقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ» [1] رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
ثُمَّ قِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ عَرَفَاتٌ لِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: بَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلى إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم فَحَجَّ بِهِ، حَتَّى إِذَا أَتَى عَرَفَةَ قَالَ: عَرَفْتَ، وَكَانَ قَدْ أَتَاهَا مَرَّةً قَبْلَ ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ عَرَفَةُ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، قال: إنما سميت عرفة لأن جِبْرِيلَ كَانَ يُرِي إِبْرَاهِيمَ الْمَنَاسِكَ فَيَقُولُ: عَرَفْتَ عرفت، فسميت عَرَفَاتٌ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي مِجْلَزٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَتُسَمَّى عَرَفَاتٌ المشعر الحرام، وَالْمَشْعَرَ الْأَقْصَى، وَإِلَالُ عَلَى وَزْنِ هِلَالُ، وَيُقَالُ لِلْجَبَلِ فِي وَسَطِهَا: جَبَلُ الرَّحْمَةِ، قَالَ أَبُو طالب في قصيدته المشهورة: [الطويل]
وَبِالْمَشْعَرِ الْأَقْصَى إِذَا قَصَدُوا لَهُ ... إِلَالُ إِلَى تِلْكَ الشِّرَاجِ الْقَوَابِلِ «2»
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَنْبَسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَنْ زَمْعَةَ هُوَ ابْنُ صَالِحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقِفُونَ بِعَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ عَلَى رُؤُوسِ الْجِبَالِ كَأَنَّهَا الْعَمَائِمُ عَلَى رُؤُوسِ الرِّجَالِ دَفَعُوا، فَأَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّفْعَةَ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَرَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ وَزَادَ: ثُمَّ وَقَفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَصَلَّى الْفَجْرَ بِغَلَسٍ، حَتَّى إِذَا أَسْفَرَ كُلُّ شَيْءٍ وَكَانَ فِي الْوَقْتِ الْآخَرِ، دَفَعَ، وَهَذَا حَسَنُ الْإِسْنَادِ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو

[1] رواه أحمد في المسند (ج 4 ص 15) باختلاف في بعض الألفاظ. والتّفث: ما يفعله المحرم في الحج إذا حل، كقصّ الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة.
(2) البيت من قصيدة طويلة لأبي طالب رواها ابن إسحاق في السيرة النبوية- انظر سيرة ابن هشام 1/ 272- 280.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 411
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست