responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 405
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَخَذَ بِذَنَبِ بَعِيرِهِ فَجَعَلَ يلويه ويرتجز ويقول: [الرجز]
وهنّ يمشين بنا هميسا ... إن تصدق الطير ننك لَمِيسَا
قَالَ فَقُلْتُ: أَتَرْفَثُ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا الرَّفَثُ مَا قِيلَ عِنْدَ النِّسَاءِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ: سَأَلْتُ ابن عباس عن قول الله عز وجل: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ؟ قَالَ: الرَّفَثُ التَّعْرِيضُ بِذِكْرِ الْجِمَاعِ، وَهِيَ الْعَرَابَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَهُوَ أَدْنَى الرَّفَثِ، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: الرَّفَثُ الْجِمَاعُ وَمَا دُونَهُ مِنْ قَوْلِ الْفُحْشِ وَكَذَا قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَقَالَ عطاء: كانوا يكرهون العرابة، وهو التعريض وهو محرم. وقال طاوس: هو أن يقول لِلْمَرْأَةِ إِذَا حَلَلْتِ أَصَبْتُكِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عباس: الرفث غشيان النساء والقبلة وَالْغَمْزُ، وَأَنْ يُعَرِّضَ لَهَا بِالْفُحْشِ مِنَ الْكَلَامِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَابْنُ عُمَرَ: الرَّفَثُ غِشْيَانُ النِّسَاءِ وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ عن عطاء ومكحول وعطاء الخراساني وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَعَطِيَّةُ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالرَّبِيعُ وَالزُّهْرِيُّ وَالسُّدِّيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُمْ.
وَقَوْلُهُ وَلا فُسُوقَ قَالَ مِقْسَمٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هِيَ الْمَعَاصِي، وَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ والحسن وقتادة وإبراهيم النخعي والزهري وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: الفسوق ما أصيب من معاصي الله صيدا أَوْ غَيْرُهُ، وَكَذَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: الْفُسُوقُ إِتْيَانُ مَعَاصِي اللَّهِ فِي الْحَرَمِ، وَقَالَ آخَرُونَ: الْفُسُوقُ هَاهُنَا السِّبَابُ قال ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَمُجَاهِدٌ والسدي وإبراهيم النخعي والحسن، وقد يتمسك هؤلاء بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» وَلِهَذَا رَوَاهُ هَاهُنَا الْحَبْرُ أَبُو محمد بن أبي حاتم من حديث سفيان الثوري عن زبيد، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» ، وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: الْفُسُوقُ هَاهُنَا الذَّبْحُ لِلْأَصْنَامِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [الْأَنْعَامِ: 145] ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْفُسُوقُ التَّنَابُزُ بِالْأَلْقَابِ.
وَالَّذِينَ قَالُوا: الْفُسُوقُ هَاهُنَا هو جميع المعاصي الصواب معهم، كَمَا نَهَى تَعَالَى عَنِ الظُّلْمِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَإِنْ كَانَ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ مَنْهِيًّا عَنْهُ، إِلَّا أَنَّهُ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ آكَدُ، وَلِهَذَا قَالَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [التَّوْبَةِ: 36] وَقَالَ فِي الْحَرَمِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ [الْحَجِّ: 25] وَاخْتَارَ ابْنُ جرير أن الفسوق هاهنا ارْتِكَابُ مَا نُهِيَ عَنْهُ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَقَلْمِ الْأَظْفَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، كَمَا تَقَدَّمَ

اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 405
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست