responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 200
قَالَتْ أَلَا
لَيْتَمَا هَذَا الْحَمَامُ لَنَا ... إِلَى حَمَامَتِنَا أَوْ نِصْفُهُ فَقَدِ «1»
تُرِيدُ وَنِصْفُهُ، قَالَهُ ابن جرير [2] ، وقال جرير بن عطية: [البسيط]
نَالَ الْخِلَافَةَ أَوْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا ... كَمَا أَتَى رَبَّهُ مُوسَى عَلَى قَدَرِ «3»
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: يَعْنِي نَالَ الْخِلَافَةَ وَكَانَتْ لَهُ قَدْرًا وقال آخرون: أو هاهنا بمعنى بل فتقديره:
فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ بَلْ أَشَدُّ قَسْوَةً، وَكَقَوْلِهِ: إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً [النِّسَاءِ: 77] ، وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ [الصَّافَّاتِ: 147] ، فَكَانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى [النَّجْمِ: 9] وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً عِنْدَكُمْ حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْإِبْهَامُ عَلَى المخاطب، كما قال أبو الأسود: [الوافر]
أُحِبُّ مُحَمَّدًا حُبًّا شَدِيدًا ... وَعَبَّاسًا وَحَمْزَةَ وَالْوَصِيَّا
فإن يك حبهم رشدا أصبه ... وليس بمخطئ إن كان غيّا «4»
وقال ابْنُ جَرِيرٍ: قَالُوا: وَلَا شَكَّ أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ لَمْ يَكُنْ شَاكًّا فِي أَنَّ حُبَّ مَنْ سَمَّى رَشَدٌ، وَلَكِنَّهُ أَبْهَمَ عَلَى مَنْ خاطبه [به] [5] ، قَالَ: وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ، قِيلَ لَهُ: شَكَكْتَ؟ فقال: كلا والله، ثم انتزع. يقول اللَّهِ تَعَالَى: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [سبأ: 24] فقال: أو كان شاكا من أخبر بهذا من الهادي منهم ومن الضال؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ فَقُلُوبُكُمْ لَا تَخْرُجُ عَنْ أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَثَلَيْنِ، إِمَّا أَنْ تَكُونَ مِثْلَ الْحِجَارَةِ فِي الْقَسْوَةِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ أشد منها في القسوة. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، فَبَعْضُهَا كَالْحِجَارَةِ قَسْوَةً، وَبَعْضُهَا أَشَدُّ قَسْوَةً مِنَ الْحِجَارَةِ وَقَدْ رَجَّحَهُ ابْنُ جَرِيرٍ مَعَ تَوْجِيهِ غَيْرِهِ.
(قُلْتُ) وَهَذَا الْقَوْلُ الْأَخِيرُ يَبْقَى شَبِيهًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا [الْبَقَرَةِ: 17] مَعَ قَوْلِهِ: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ [الْبَقَرَةِ: 19] وَكَقَوْلِهِ: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ [النُّورِ: 39] مَعَ قَوْلِهِ: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ [النور: 40] ، أي

(1) البيت للنابغة في ديوانه ص 24: والأزهية ص 89 والأغاني 11/ 31 والإنصاف 2/ 479 وتذكرة النحاة ص 353 وخزانة الأدب 10/ 251 والخصائص 2/ 460.
[2] تفسير الطبري 2/ 236. [.....]
(3) ويروى «جاء الخلافة» . والبيت لجرير في ديوانه ص 416 والأزهية ص 114 وخزانة الأدب 11/ 69 والدرر 6/ 118 وشرح شواهد المغني 1/ 196 والمقاصد النحوية 2/ 485.
(4) البيتان لأبي الأسود في القرطبي 1/ 463. وفيه: «وحمزة أو عليا» مكان «وحمزة والوصيّا» . وتفسير الطبري 1/ 405.
[5] الزيادة من الطبري.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 200
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست