responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 191
مُوسَى فِي النَّاسِ، فَقَالَ: أَنْشُدُ اللَّهَ مَنْ كان عنده من هذا علم إلا يبينه لنا، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ عِلْمٌ، فَأَقْبَلَ الْقَاتِلُ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ نَبِيُّ الله، فسل لَنَا رَبَّكَ أَنْ يُبَيِّنَ لَنَا، فَسَأَلَ رَبَّهُ، فأوحى الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً فَعَجِبُوا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: أَتَتَّخِذُنا هُزُواً؟ قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ. قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا هِيَ؟ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لَا فارِضٌ يَعْنِي لَا هَرِمَةٌ وَلا بِكْرٌ يَعْنِي وَلَا صَغِيرَةٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ أَيْ نِصْفٌ بَيْنِ الْبِكْرِ وَالْهَرِمَةِ قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا لَوْنُها؟ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها أَيْ صَافٍ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ أَيْ تُعْجِبُ النَّاظِرِينَ قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا هِيَ؟ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ. قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ أي لم يذللها العمل تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ يَعْنِي وَلَيْسَتْ بِذَلُولٍ، تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الحرث يعني وَلَا تَعْمَلُ فِي الْحَرْثِ مُسَلَّمَةٌ يَعْنِي مُسَلَّمَةٌ مِنَ الْعُيُوبِ لَا شِيَةَ فِيها يَقُولُ: لَا بَيَاضَ فِيهَا قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ قَالَ: وَلَوْ أَنَّ الْقَوْمَ حين أمروا بذبح بَقَرَةً، اسْتَعْرَضُوا بَقَرَةً مِنَ الْبَقَرِ فَذَبَحُوهَا لَكَانَتْ إياها، ولكن شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم، ولولا أن القوم استثنوا فقالوا: إنا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ، لَمَا هُدُوا إِلَيْهَا أَبَدًا، فَبَلَغَنَا أَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا الْبَقَرَةَ الَّتِي نعتت لهم إلا عند عجوز وعندها يَتَامَى وَهِيَ الْقَيِّمَةُ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا يَزْكُو لَهُمْ غَيْرُهَا، أَضْعَفَتْ عَلَيْهِمُ الثَّمَنَ، فَأَتَوْا مُوسَى فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا هَذَا النعت إلا عند فلانة، وأنها سألت أضعاف ثمنها، فقال موسى: إن الله قد خَفَّفَ عَلَيْكُمْ، فَشَدَّدْتُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَأَعْطُوهَا رِضَاهَا وَحُكْمَهَا. فَفَعَلُوا وَاشْتَرَوْهَا فَذَبَحُوهَا، فَأَمَرَهُمْ مُوسَى عَلَيْهِ السلام أن يأخذوا عظما منها فيضربوا الْقَتِيلَ، فَفَعَلُوا، فَرَجَعَ إِلَيْهِ رُوحُهُ، فَسَمَّى لَهُمْ قَاتِلَهُ، ثُمَّ عَادَ مَيِّتًا كَمَا كَانَ، فَأَخَذَ قاتله، وهو الذي كان أتى موسى عليه السلام، فشكا إليه، فَقَتَلَهُ اللَّهُ عَلَى أَسْوَأِ عَمَلِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بن جرير: حدثني محمد بن سعيد، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَمِّي، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ فِي شَأْنِ الْبَقَرَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ شَيْخًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى عَهْدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مُكْثِرًا مِنَ الْمَالِ، وَكَانَ بَنُو أَخِيهِ فُقَرَاءَ لَا مَالَ لَهُمْ، وَكَانَ الشَّيْخُ لَا وَلَدَ لَهُ، وكان بنو أَخِيهِ وَرَثَتُهُ فَقَالُوا لَيْتَ عَمَّنَا قَدْ مَاتَ فَوَرِثْنَا مَالَهُ، وَإِنَّهُ لَمَّا تَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ أَلَّا يَمُوتَ عَمُّهُمْ، أَتَاهُمُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ لَهُمْ: هَلْ لَكُمْ إِلَى أَنْ تَقْتُلُوا عَمَّكُمْ فَتَرِثُوا مَالَهُ، وَتُغْرِمُوا أَهْلَ الْمَدِينَةِ الَّتِي لَسْتُمْ بِهَا دِيَتَهُ؟ وَذَلِكَ أَنَّهُمَا كَانَتَا مَدِينَتَيْنِ كَانُوا فِي إِحْدَاهُمَا، وكان القتيل إذا قتل وطرح بَيْنَ الْمَدِينَتَيْنِ، قِيسَ مَا بَيْنَ الْقَتِيلِ وَالْقَرْيَتَيْنِ، فأيتهما كَانَتْ أَقْرَبَ إِلَيْهِ، غَرِمَتِ الدِّيَةَ، وَأَنَّهُمْ لَمَّا سول لهم الشيطان ذلك، وتطاول عليهم أن لا يَمُوتَ عَمُّهُمْ، عَمَدُوا إِلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ عَمَدُوا فَطَرَحُوهُ عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ الَّتِي لَيْسُوا فِيهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، جَاءَ بَنُو أَخِي الشَّيْخِ فَقَالُوا:
عَمُّنَا قُتِلَ عَلَى بَابِ مَدِينَتِكُمْ، فو الله لَتَغْرَمُنَّ لَنَا دِيَةَ عَمِّنَا، قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: نُقْسِمُ بِاللَّهِ مَا قَتَلْنَا وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلًا وَلَا فَتَحْنَا بَابَ مَدِينَتِنَا مُنْذُ أُغْلِقَ حَتَّى أَصْبَحْنَا، وَإِنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ

اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 191
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست