responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 5
تَفْسِيرُ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ
هِيَ مَدَنِيَّةٌ؛ لِأَنَّ صَدْرَهَا [1] إِلَى ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ آيَةً مِنْهَا نَزَلَتْ فِي وَفْدِ نَجْرَانَ، وَكَانَ قُدُومُهُمْ فِي سَنَةِ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ تَفْسِيرِ آيَةِ الْمُبَاهَلَةِ مِنْهَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا وَرَدَ فِي فَضْلِهَا مَعَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِ [سُورَةِ] [2] الْبَقَرَةِ.
{الم [1] اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [2] نزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزلَ التَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ [3] مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنزلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ [4] }
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِي أَنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} وَ {الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} عِنْدَ تَفْسِيرِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {الم} فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} فِي تَفْسِيرِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى {نزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} يَعْنِي: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ يَا مُحَمَّدُ {بِالْحَقِّ} أَيْ: لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا رَيْبَ، بَلْ هُوَ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [عَزَّ وَجَلَّ] [3] أَنْزَلَهُ بِعَلَمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ، وَكَفَى بِاللَّهِ [4] شَهِيدًا.
وَقَوْلُهُ: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} أَيْ: مِنَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ قَبْلَهُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الْأَنْبِيَاءِ، فَهِيَ تُصَدِّقُهُ بِمَا أَخْبَرَتْ بِهِ وَبَشَّرَتْ فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، وَهُوَ يُصَدِّقُهَا؛ لِأَنَّهُ طَابَقَ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ وَبَشَّرَتْ، مِنَ الْوَعْدِ مِنَ اللَّهِ بِإِرْسَالِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْزَالِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: {وَأَنزلَ التَّوْرَاةَ} أَيْ: عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] [5] {وَالإنْجِيلَ} أَيْ: عَلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ.
{مِنْ قَبْلُ} أَيْ: مِنْ قَبْلِ هَذَا الْقُرْآنِ. {هُدًى لِلنَّاسِ} أَيْ: فِي زَمَانِهِمَا {وَأَنزلَ الْفُرْقَانَ} وَهُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ الْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْغَيِّ وَالرَّشَادِ، بِمَا يَذْكُرُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْحُجَجِ وَالْبَيِّنَاتِ، وَالدَّلَائِلِ الْوَاضِحَاتِ، وَالْبَرَاهِينِ الْقَاطِعَاتِ، وَيُبَيِّنُهُ وَيُوَضِّحُهُ وَيُفَسِّرُهُ وَيُقَرِّرُهُ، وَيُرْشِدُ إِلَيْهِ وَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: الْفُرْقَانُ هَاهُنَا الْقُرْآنُ. وَاخْتَارَ ابْنُ جرير أنه مصدر هاهنا؛ لتقدم ذكر

[1] في جـ: "صدورها"، وفي أ: "صورها".
[2] زيادة من أ.
[3] زيادة من جـ، ر.
[4] في جـ، ر: "به".
[5] زيادة من جـ، أ.
تَفْسِيرُ سُورَةِ الْمَائِدَةِ
[وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ] (1)
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضر، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ شَيْبان، عَنْ لَيْث، عَنْ شَهر بْنِ حَوْشَب، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: إِنِّي لَآخِذَةٌ [2] بزِمَام العَضْباء ناقةِ رَسُولِ اللَّهِ [3] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ نَزَلَتْ [4] عَلَيْهِ الْمَائِدَةُ كُلُّهَا، وَكَادَتْ مِنْ ثِقْلِهَا تَدُقّ عَضُد الناقةَ [5] .
وَرَوَى ابْنُ مَرْدُويه مِنْ حَدِيثِ صَالِحِ [6] بنِ سُهَيْل، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ عَمْرٍو، عَنْ عَمِّهَا؛ أَنَّهُ كَانَ فِي مَسِير مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنزلت عَلَيْهِ سُورَةُ الْمَائِدَةِ، فاندَقَّ عُنُق الرَّاحِلَةِ مِنْ ثِقْلِهَا [7] .
وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَة، حَدَّثَنِي حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلي [8] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةُ الْمَائِدَةِ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَحْمِلَهُ، فَنَزَلَ عَنْهَا.
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ [9] وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ قُتَيْبَة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْب، عَنْ حُيَيٍّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: آخِرُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ: سُورَةُ الْمَائِدَةِ وَالْفَتْحِ، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَسَنٌ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: آخِرُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ: " إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ " [سُورَةُ النَّصْرِ: [1]] .
وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ بِإِسْنَادِهِ [10] نَحْوَ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، ثُمَّ قَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ [11] .
وَقَالَ الْحَاكِمُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا بَحْرُ [12] بْنُ نَصْرٍ قَالَ: قُرئ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْب، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْر قَالَ: حَجَجْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ لِي: يَا جُبَيْرُ، تَقْرَأُ الْمَائِدَةَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَتْ: أَمَا إِنَّهَا آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ [13] فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَلَالٍ فَاسْتَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا من حرام فحرموه. ثم قال:

[1] زيادة من ر، أ.
[2] في د: "لآخذة يوما".
[3] في ر: "النبي".
[4] في د: "إذ أنزلت".
[5] المسند (6/455) وقال الهيثمي في المجمع (7/13) : "فيه شهر بن حوشب وهو ضعيف وقد وثق".
[6] في ر: "صباح".
[7] ورواه ابن أبي شيبة في مسنده، والبغوي في معجمه، والبيهقي في دلائل النبوة كما في الدر المنثور (3/3) .
[8] في ر: "الختلي"، وفي أ: "الجبلي".
[9] المسند (2/176) وقال الهيثمي في المجمع (7/13) : "فيه ابن لهيعة، والأكثر على ضعفه وقد يحسن حديثه".
[10] في ر: "بإسناده نحوه".
[11] سنن الترمذي برقم (3063) والمستدرك (2/311) .
[12] في أ: "محمد".
[13] في ر: "نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم".
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 5
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست