responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 397
فَهَذَا ثَابِتٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا [1] وَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ عَنْ عَائِشَةَ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ أَنَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ، وَلَكِنْ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ ذَلِكَ صَحَّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ فَرْضَ صَلَاةِ الْحَضَرِ أَرْبَعٌ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. لَكِنِ اتَّفَقَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَأَنَّهَا تَامَّةٌ غَيْرُ مَقْصُورَةٍ، كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} قَصْرَ الْكَيْفِيَّةِ كَمَا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا] [2] } .
وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهَا: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ [فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ] [3] } الْآيَةَ [4] فَبَيَّنَ الْمَقْصُودَ مِنَ الْقَصْرِ هاهنا وذكر صفته وكيفيته؛ ولهذا لما اعتضد [5] الْبُخَارِيُّ
"كِتَابَ [6] صَلَاةِ الْخَوْفِ" صَدَّرَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا}
وَهَكَذَا قَالَ جُوَيبر، عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} قَالَ: ذَاكَ عِنْدَ الْقِتَالِ، يُصَلِّي الرَّجُلُ الرَّاكِبُ تَكْبِيرَتَيْنِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ.
وَقَالَ أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ} الْآيَةَ: إِنَّ الصَّلَاةَ إِذَا صُلِّيَتْ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ فَهِيَ تَمَامٌ، التَّقْصِيرُ لَا يَحِلُّ، إِلَّا أَنْ تَخَافَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنِ الصَّلَاةِ، فَالتَّقْصِيرُ رَكْعَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} يَوْمَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بعُسفان وَالْمُشْرِكُونَ [7] بضجْنان، فَتَوَافَقُوا، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الظُّهْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، بِرُكُوعِهِمْ وَسُجُودِهِمْ وَقِيَامِهِمْ مَعًا جَمِيعًا، فَهَمَّ بِهِمُ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَى أَمْتِعَتِهِمْ وَأَثْقَالِهِمْ.
رَوَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَالسُّدِّيِّ، وَعَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَاخْتَارَ ذَلِكَ أَيْضًا، فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ مَا حَكَاهُ مِنَ الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْك، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ: أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إِنَّا نَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَصْرَ صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَلَا نَجِدُ قَصْرَ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّا وَجَدْنَا نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ عَمَلًا عَمِلْنَا بِهِ.
فَقَدْ سَمَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ مَقْصُورَةً، وَحَمَلَ الْآيَةَ عَلَيْهَا، لَا عَلَى قَصْرِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ، وَأَقَرَّهُ ابْنُ عُمَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ عَلَى قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ بِفِعْلِ الشَّارِعِ لَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ.
وَأَصْرَحُ مِنْ هَذَا مَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاك الْحَنَفِيِّ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ صَلَاةِ السَّفَرِ، فقال: ركعتان تمام غير

[1] في ر: "عنه".
[2] زيادة من ر، أ.
[3] زيادة من ر، أ.
[4] في ر، أ: "إلى آخرها".
[5] في أ: "عقد".
[6] في ر: "في كتاب".
[7] في ر: "والمسلمون".
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 397
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست