responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 387
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ [1] وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْج، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ -هُوَ ابْنُ مَالِكٍ الجَزري [2] -أَنَّ مِقْسما مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ -أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ بَدْرٍ، وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ.
انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ [3] دُونَ مُسْلِمٍ. وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيج، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مِقْسم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضُّرِّ عَنْ بَدْرٍ، وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ، لَمَّا نَزَلَتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: إِنَّا أَعْمَيَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلْ لَنَا رُخْصَةٌ؟ فَنَزَلَتْ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً، فَهَؤُلَاءِ الْقَاعِدُونَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} دَرَجَاتٍ مِنْهُ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرِ أُولِي الضَّرَرِ.
هَذَا لَفْظُ التِّرْمِذِيُّ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. (4)
فَقَوْلُهُ [تَعَالَى] [5] {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} كَانَ مُطْلَقًا، فَلَمَّا نَزَلَ بِوَحْيٍ سَرِيعٍ: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} صَارَ [6] ذَلِكَ مَخْرَجًا لِذَوِي الْأَعْذَارِ [7] الْمُبِيحَةِ لِتَرْكِ الْجِهَادِ -مِنِ الْعَمَى والعَرَج وَالْمَرَضِ-عَنْ مُسَاوَاتِهِمْ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ.
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى بِفَضِيلَةِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ حُمَيْد، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُم مِنْ مَسِير، وَلَا قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ إِلَّا وَهُمْ مَعَكُمْ فِيهِ " قَالُوا: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " نَعَمْ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ ".
وَهَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي عَدِيّ عَنْ حُمَيد، عَنْ أنس، بِهِ [8] وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ مَجْزُومًا. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَقَدْ تَرَكْتُمْ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مُسِيرًا، وَلَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ، وَلَا قَطَعْتُمْ مِنْ وادٍ إِلَّا وَهُمْ مَعَكُمْ فِيهِ ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ [9] يَكُونُونَ مَعَنَا وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: " حَبْسَهُمُ الْعُذْرُ ".
لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ [10] وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا رَاحِلِينَ إِلَى البَيت الْعَتِيقِ لَقَدْ ... سرْتُم جُسُوما وسرْنا نحنُ أَرْوَاحَا ...
إنَّا أقَمنا عَلَى عُذْرٍ وعَنْ قَدَرٍ ... ومَنْ أقامَ على عذْرٍ فقد راحا ...

[1] تفسير عبد الرزاق (1/164) وتفسير الطبري (9/91) .
[2] في أ: "الجهزي".
[3] تفسير عبد الرزاق (1/165) وصحيح البخاري برقم (4595) .
(4) سنن الترمذي برقم (3032) .
[5] زيادة من ر، أ.
[6] في أ: "كان".
[7] في أ: "الأضرار".
[8] صحيح البخاري برقم (2838) والمسند (3/103) .
[9] في ر: "قالوا: وكيف يا رسول الله".
[10] صحيح البخاري برقم (2839) وسنن أبي داود برقم (2508) .
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 387
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست