responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 38
الْكَرِيمُ عَلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ.
وَقَوْلُهُ: {وَحَصُورًا} رُوي عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ، وَعَطِيَّةَ العَوْفي أَنَّهُمْ قَالُوا: هُوَ الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ. وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ: هُوَ الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا مَاءَ لَهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ، أَنْبَأَنَا جَرِيرٌ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الحَصُور: الَّذِي لَا يُنْزِلُ الْمَاءَ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي هَذَا حَدِيثًا غَرِيبًا جِدًّا فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عُبَادَةُ -يَعْنِي ابْنَ الْعَوَّامِ-عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّب، عَنِ ابْنِ الْعَاصِ -لَا يَدْرِي عَبْدُ اللَّهِ أَوْ عَمْرٌو-عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} قَالَ: ثُمَّ تَنَاوَلَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ: "كَانَ ذَكَرُهُ مِثْلَ هَذَا" [1] .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنان، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القَطَّان، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّب، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لَا يَلْقَاهُ بِذَنْبٍ غَيْرَ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، ثُمَّ قَرَأَ سَعِيدٌ: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} ثُمَّ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ [2] الْحَصُورُ مَا كَانَ ذَكَرُهُ مِثْلَ ذِي وَأَشَارَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ بِطَرَفِ إِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ. فَهَذَا مَوْقُوفٌ [3] وَهُوَ أَقْوَى [4] إِسْنَادًا مِنَ الْمَرْفُوعِ، بَلْ وَفِي صِحَّةِ الْمَرْفُوعِ نَظَرٌ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي كِتَابِهِ [5] الشِّفَاءِ: اعْلَمْ أَنَّ ثَنَاءَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى يَحْيَى أَنَّهُ [6] كَانَ {حَصُورًا} لَيْسَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ كَانَ هَيُّوبًا، أَوْ لَا ذَكَرَ لَهُ، بَلْ قَدْ أَنْكَرَ هَذَا حُذَّاقُ الْمُفَسِّرِينَ وَنُقَّادُ الْعُلَمَاءِ، وَقَالُوا: هَذِهِ نَقِيصَةٌ وَعَيْبٌ وَلَا تَلِيقُ [7] بِالْأَنْبِيَاءِ، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: أَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنَ الذُّنُوبِ، أَيْ لَا يَأْتِيهَا كَأَنَّهُ حُصِرَ عَنْهَا، وَقِيلَ: مَانِعًا نَفْسَهُ مِنَ الشَّهَوَاتِ. وَقِيلَ: لَيْسَتْ لَهُ شَهْوَةٌ فِي النِّسَاءِ.
وَقَدْ [8] بَانَ لَكَ مِنْ هَذَا أَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى النِّكَاحِ نَقْصٌ، وَإِنَّمَا الْفَضْلُ فِي كَوْنِهَا مَوْجُودَةً ثُمَّ قَمَعَهَا: إِمَّا بِمُجَاهَدَةٍ كَعِيسَى أَوْ بِكِفَايَةٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَيَحْيَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ. ثُمَّ هِيَ حَقٌّ مَنْ أُقْدِرَ [9] عَلَيْهَا وَقَامَ بِالْوَاجِبِ فِيهَا وَلَمْ تَشْغَلْهُ [10] عَنْ رَبِّهِ دَرَجَةً عَلْيَاءَ، وَهِيَ دَرَجَةُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وسلم

[1] تفسير ابن أبي حاتم (2/241) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (11/561) من طريق يحيى بن سعيد به.
[2] في أ، و: "قال".
[3] تفسير ابن أبي حاتم (2/243) .
[4] في و: "أصح".
[5] في أ: "كتاب".
[6] في جـ، ر، أ: "بأنه".
[7] في أ: "ولا يليق".
[8] في جـ، ر، أ: "فقل".
[9] في أ: "قدر".
[10] في أ: "يشغله".
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 38
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست