responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 370
الْمُسْلِمُ غَايَةَ مَا شُرِعَ فِي السَّلَامِ؛ رُدَّ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا قَالَ، فَأَمَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ فلا يُبْدؤون [1] بِالسَّلَامِ وَلَا يُزَادُونَ، بَلْ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال: "إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمُ الْيَهُودُ فَإِنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ: السَّامُّ عَلَيْكَ فَقُلْ: وَعَلَيْكَ" [2] .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال: "لا تبدؤوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ، وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ" [3] .
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: السَّلَامُ تَطَوُّعٌ، وَالرَّدُّ فَرِيضَةٌ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ قَاطِبَةً: أَنَّ الرَّدَّ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ سُلِّمَ عَلَيْهِ، فَيَأْثَمُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ [4] .
وَقَوْلُهُ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ} إِخْبَارٌ بِتَوْحِيدِهِ وَتَفَرُّدِهِ بِالْإِلَهِيَّةِ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، وتضمَّن قَسَمًا، لِقَوْلِهِ: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ} وَهَذِهِ اللَّامُ مُوَطِّئَةٌ لِلْقَسَمِ، فَقَوْلُهُ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ} خَبَرٌ وقَسَم أَنَّهُ سَيَجْمَعُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَيُجَازِي كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} أَيْ: لَا أَحَدَ أَصْدَقُ مِنْهُ فِي حَدِيثِهِ وَخَبَرِهِ، وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، فَلَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ.
{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلا (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (89) إِلا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلا (90) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91) }
يَقُولُ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي الْمُنَافِقِينَ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ ذَلِكَ، فقال الإمام أحمد:

[1] في ر: "يبتدئون".
[2] رواه البخاري في صحيحه برقم (6257) ومسلم في صحيحه برقم (2164) .
[3] صحيح مسلم برقم (2167) .
[4] بياض بجميع النسخ، وفي نسخة مساعدة [أبو داود بسنده إلى أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم] .
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 370
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست