responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 36
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ سِيَادَتِهَا وَجَلَالَتِهَا فِي مَحَلِّ عِبَادَتِهَا، فَقَالَ: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا} قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ، وَإِبْرَاهِيمُ النخَعيّ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَعَطِيَّةُ العَوْفي، والسُّدِّي [وَالشَّعْبِيُّ] [1] يَعْنِي وَجَدَ عِنْدَهَا فَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ وَفَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ {وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا} أَيْ: عِلْمًا، أَوْ قَالَ: صُحُفًا فِيهَا عِلْمٌ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ. وَفِي السُّنَّةِ لِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ. فَإِذَا رَأَى زَكَرِيَّا هَذَا عِنْدَهَا {قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا} أَيْ: يَقُولُ مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا؟ {قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} .
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا سَهْل بْنُ زنْجَلة، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عبد الله ابن لَهِيعَة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِر، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أَقَامَ أَيَّامًا لَمْ يَطْعَمْ طَعَامًا، حَتَّى شَقّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَطَافَ فِي مَنَازِلِ أَزْوَاجِهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ شَيْئًا، فَأَتَى فَاطِمَةَ فَقَالَ: "يَا بُنَيَّة، هَلْ عِنْدَكِ شَيْء آكُلُهُ، فَإِنَّي جَائِع؟ " فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ بِأَبِي أنتَ وَأُمِّي. فَلَمَّا خَرَج مِنْ عِنْدِهَا بَعَثَتْ إِلَيْهَا جَارَةٌ لَهَا بِرَغِيفَيْنِ وَقِطْعَةِ لَحْمٍ، فَأَخَذَتْهُ مِنْهَا فَوَضَعَتْهُ فِي جَفْنَةٍ لَهَا، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَأُوثِرَنَّ بِهَذَا رَسُولَ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [2] عَلَى نَفْسِي وَمَنْ عِنْدِي. وَكَانُوا جَمِيعًا مُحْتَاجِينَ إِلَى شِبْعَةِ طَعَامٍ، فَبَعَثَتْ حَسَنا أَوْ حُسَينا إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [3] فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ: بِأَبِي وَأُمِّي [4] قَدْ أَتَى اللَّهُ بِشَيْءٍ فخَبَّأتُه لَكَ. قَالَ: "هَلُمِّي يَا بُنيَّة" قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ بِالْجَفْنَةِ. فَكَشَفَتْ عَنِ الْجَفْنَةِ فَإِذَا هِيَ مَمْلُوءَةٌ خُبْزًا وَلَحْمًا، فَلَمَّا نظرَتْ إِلَيْهَا بُهِتتْ وعرفَتْ أَنَّهَا بَرَكَةٌ مِنَ اللَّهِ، فحمدَت اللَّهَ وصلَّت عَلَى نَبِيِّهِ، وقدّمَتْه إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا رَآهُ حَمِدَ اللَّهَ وَقَالَ: "مِنْ أيْنَ لَكِ هَذَا يَا بُنَية؟ " فَقَالَتْ [5] يَا أَبَتِ، {هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} فَحَمِدَ اللَّهَ وَقَالَ: "الحَمْدُ للهِ الَّذي جَعَلَكِ -يَا بُنَيّة-شَبيهَةِ بسيدةِ [6] نِساء بَنيِ إسْرَائيلَ، فَإنَّها كَانَتْ إذَا رَزَقَهَا اللهُ شَيْئًا فَسُئِلَتْ عَنْهُ قَالَتْ: {هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِي [7] ثُمَّ أَكَلَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكَلَ عَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَجَمِيعُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ جَمِيعًا حَتَّى شَبِعُوا. قَالَتْ: وَبَقِيَتِ الْجَفْنَةُ كَمَا هِيَ، فَأَوْسَعَتْ بِبَقِيَّتِهَا [8] عَلَى جَمِيعِ الْجِيرَانِ، وَجَعَلَ اللَّهُ فيها بركة وخيرا كثيرا [9] .

[1] زيادة من جـ، أ.
[2] زيادة من جـ، ر، أ، و.
[3] زيادة من أ، و.
[4] في جـ، ر، أ، و،: "بأبي أنت وأمي".
[5] في أ: "فقلت".
[6] في ر: "سيدة".
[7] في أ: "وحملوا".
[8] في أ، و: "بقيتها".
[9] مسند أبي يعلى كما في المطالب العالية لابن حجر (4/74) ، وفي إسناده عبد الله بن صالح متكلم فيه، وابن لهيعة ضعفه الجمهور.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست