responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 325
قَالَ مُجَاهِدٌ: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا} يقول: عن صراط الحق، فنردها [1] على أدبارهم، أَيْ: فِي الضَّلَالَةِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنِ نَحْوُ هَذَا.
قَالَ السُّدِّيُّ: {فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} فَنَمْنَعَهَا عَنِ الْحَقِّ، قَالَ: نُرْجِعُهَا كُفَّارًا وَنَرُدُّهُمْ قِرَدَةً.
وَقَالَ ابْنُ [2] زَيْدٍ [3] نَرُدُّهُمْ إِلَى بِلَادِ الشَّامِ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ.
وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ أَسْلَمَ حِينَ سَمِعَ هَذِهِ الْآيَةَ، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ:
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ نُوحٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ إِسْلَامَ كَعْبٍ، فَقَالَ: أَسْلَمَ كَعْبٌ زَمَانَ عُمَرَ، أَقْبَلَ وَهُوَ يُرِيدُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَمَرَّ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَقَالَ: يَا كَعْبُ، أَسْلِمْ، قَالَ: أَلَسْتُمْ تَقْرَؤُونَ فِي كِتَابِكُمْ [4] {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ [ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ] [5] أَسْفَارًا} وَأَنَا قَدْ حَمَلْتُ التَّوْرَاةَ. قَالَ: فَتَرَكَهُ عُمَرُ. ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى حِمْصَ، فَسَمِعَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِهَا حَزِينًا، وَهُوَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نزلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} الْآيَةَ. قَالَ [6] كَعْبٌ: يَا رَبُّ آمَنْتُ، يَا رَبُّ، أَسْلَمْتُ، مَخَافَةَ أَنْ تُصِيبَهُ هَذِهِ الْآيَةُ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَتَى أَهْلَهُ فِي الْيَمَنِ، ثُمَّ جَاءَ بِهِمْ مُسْلِمِينَ [7] .
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظٍ آخَرَ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ حَلْبَسٍ [8] عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَائِذِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْجَلِيلِيُّ مُعَلِّمَ كَعْبٍ، وَكَانَ يَلُومُهُ فِي إِبْطَائِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَبَعَثَهُ إِلَيْهِ ينظر أَهْوَ هُوَ؟ قَالَ كَعْبٌ: فَرَكِبْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَإِذَا تَالٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نزلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} فَبَادَرْتُ الْمَاءَ فَاغْتَسَلْتُ وَإِنِّي لَأَمْسَحُ وَجْهِي مَخَافَةَ أَنْ أُطْمَسَ، ثُمَّ أَسْلَمْتُ [9] .
وَقَوْلُهُ: {أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ} يَعْنِي: الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي سَبْتِهِمْ بِالْحِيلَةِ عَلَى الِاصْطِيَادِ، وَقَدْ مُسِخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ قِصَّتِهِمْ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ.
وَقَوْلُهُ: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا} أَيْ: إِذَا أَمَرَ بِأَمْرٍ، فَإِنَّهُ لَا يُخَالَفُ وَلَا يُمَانِعُ.
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى: أَنَّهُ {لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} أَيْ: لَا يَغْفِرُ لِعَبْدٍ لَقِيَهُ وَهُوَ مُشْرِكٌ بِهِ {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} أَيْ: مِنَ الذُّنُوبِ {لِمَنْ يَشَاءُ} أَيْ: مِنْ عِبَادِهِ.
وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، فَلْنَذْكُرْ منها ما تيسر:

[1] في أ: "ورد".
[2] في ر، أ: "أبو".
[3] في أ: "زيد بن دهم".
[4] في أ: "كتاب".
[5] زيادة من ر، أ، وفي هـ: "إلى".
[6] في أ: "فقال".
[7] تفسير الطبري (8/ 446) .
[8] في ر: "حليس"، وفي أ: "حلس".
[9] وذكره السيوطي في الدر المنثور (2/ 555) وعزاه لابن أبي حاتم.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 325
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست