responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 298
يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا"، ثُمَّ قَالَ: "أتَدْري مَا حَقُّ العبادِ عَلَى اللهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ أَلَّا يُعَذِّبَهُم" [1] ثُمَّ أَوْصَى بِالْإِحْسَانِ إِلَى الْوَالِدَيْنِ، فَإِنَّ اللَّهَ، سُبْحَانَهُ، جَعَلَهُمَا سَبَبًا لِخُرُوجِكَ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ، وَكَثِيرًا مَا يقرنُ اللَّهُ، سُبْحَانَهُ، [2] بَيْنَ عِبَادَتِهِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْوَالِدَيْنِ، كَقَوْلِهِ: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لُقْمَانَ:14] وَكَقَوْلِهِ: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الْإِسْرَاءِ: 23] .
ثُمَّ عَطَفَ عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَى الْوَالِدَيْنِ الْإِحْسَانَ [3] إِلَى الْقَرَابَاتِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "الصَّدَقَةُ عَلَى المِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وعَلَى ذِي الرَّحِم صَدَقَةٌ وصِلَةٌ" [4] .
ثُمَّ قَالَ: {وَالْيَتَامَى} وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَدْ فَقَدُوا مَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِهِمْ، وَمَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، فَأَمَرَ اللَّهُ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَالْحُنُوِّ عَلَيْهِمْ.
ثُمَّ قَالَ: {وَالْمَسَاكِينِ} وَهُمُ الْمَحَاوِيجُ مِنْ ذَوِي الْحَاجَاتِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِمْ، فَأَمَرَ اللَّهُ بِمُسَاعَدَتِهِمْ بِمَا تَتِمُّ بِهِ كِفَايَتُهُمْ وَتَزُولُ بِهِ ضَرُورَتُهُمْ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ.
وَقَوْلُهُ: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} يَعْنِي الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ، {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} الَّذِي لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قُرَابَةٌ. وَكَذَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمةَ، ومُجَاهد، وَمَيْمُونِ بنِ مهْرانَ، وَالضَّحَّاكِ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حيَّان، وَقَتَادَةَ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ نَوْف البِكَالِي فِي قَوْلِهِ: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} يَعْنِي الْمُسْلِمَ {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} يَعْنِي الْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ رَوَاهُ ابنُ جَريرٍ، وابنُ أَبِي حَاتم.
وَقَالَ جَابِرٌ الْجُعْفِيّ، عن الشعبي، عن علي وابنِ مَسْعُودٍ: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} يَعْنِي الْمَرْأَةَ. وَقَالَ مُجَاهِد أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} يَعْنِي الرَّفِيقَ فِي السَّفَرِ.
وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ بِالْوَصَايَا بِالْجَارِ، فَنَذْكُرُ مِنْهَا مَا تَيَسَّرَ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ:
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ مُحَمَّدًا يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا زَالَ جِبرِيل يُوصِينِي بالْجَارِ حَتِّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِثُه".
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، بِهِ [5] .
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ الإمامُ أحمدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ داودَ بنِ شَابُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا زالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بالْجَارِ حتى ظننْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ" [6] .

[1] رواه البخاري في صحيحه برقم (7373) ومسلم في صحيحه برقم (30) .
[2] في أ: "تعالى".
[3] في ر: "والإحسان".
[4] رواه أحمد في مسنده (4/17) من حديث سلمان بن عامر، رضي الله عنه.
[5] المسند (2/85) وصحيح البخاري برقم (6015) وصحيح مسلم برقم (2625) .
[6] المسند (2/160) .
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 298
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست