responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 268
صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ" [1] فَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ؛ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَإِنِّي قَدْ بَلَوْتُ النَّاسَ [2] قَبْلَكَ عَلَى مَا هُوَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَعَجَزُوا، وَإِنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ أَسْمَاعًا وَأَبْصَارًا وَقُلُوبًا، فَرَجَعَ فَوَضَعَ عَشْرًا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَقِيَتْ خَمْسًا [قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "هُنَّ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا"] [3] الْحَدِيثَ.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا (31) }
نَهَى [4] تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ أَنْ يَأْكُلُوا أَمْوَالَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا بِالْبَاطِلِ، أَيْ: بِأَنْوَاعِ الْمَكَاسِبِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ، كَأَنْوَاعِ الرِّبَا وَالْقِمَارِ، وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ صُنُوفِ الْحِيَلِ، وَإِنْ ظَهَرَتْ فِي غَالِبِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ مِمَّا يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّ مُتَعَاطِيَهَا إِنَّمَا يُرِيدُ الْحِيلَةَ عَلَى الرِّبَا، حَتَّى قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ:
حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي مِنَ الرَّجُلِ الثَّوْبَ فَيَقُولُ: إِنْ رَضِيتُهُ أَخَذْتُهُ وَإِلَّا رَدَدْتُهُ وَرَدَدْتُ مَعَهُ دِرْهَمًا-قَالَ: هُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حرب الموصلي، حدثنا ابن فُضَيْلٍ، عَنْ دَاوُدَ الْأَوَدِيِّ عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ [ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} ] [5] قَالَ: إِنَّهَا [كَلِمَةٌ] [6] مَحْكَمَةٌ، مَا نُسِخَتْ، وَلَا تُنْسَخُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} قَالَ الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ نَهَانَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ، وَالطَّعَامُ هُوَ أَفْضَلُ الْأَمْوَالِ، فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنَّا أَنْ يَأْكُلَ عِنْدَ أَحَدٍ، فَكَيْفَ [7] لِلنَّاسِ [8] ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ: {لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ} [النُّورِ: 61] الْآيَةَ، [وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ] [9] .
وَقَوْلُهُ: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [10] قُرِئَ: تِجَارَةٌ بِالرَّفْعِ وَبِالنَّصْبِ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا تَتَعَاطَوُا الْأَسْبَابَ الْمُحَرَّمَةَ فِي اكْتِسَابِ الْأَمْوَالِ، لَكِنَّ الْمَتَاجِرَ [11] الْمَشْرُوعَةَ الَّتِي تَكُونُ عَنْ تَرَاضٍ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَافْعَلُوهَا وَتَسَبَّبُوا بِهَا فِي تَحْصِيلِ الْأَمْوَالِ. كَمَا قَالَ [اللَّهُ] [12] تَعَالَى: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ} [الْأَنْعَامِ: 151] ، وَكَقَوْلِهِ {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأولَى} [الدخان: 56] .

[1] في ر: "أمرني بخمسين اليوم والليلة" وفي جـ، أ: "أمرني بخمسين صلاة في اليوم والليلة".
[2] في أ: "الناس من".
[3] زيادة من جـ، أ.
[4] في أ: ينهى.
[5] زيادة من جـ، ر، أ.
[6] زيادة من أ.
[7] في أ: "فكف".
[8] في أ: "فكيف للناس عن ذلك".
[9] زيادة من أ.
[10] في أ: "بينكم".
[11] في أ: "المتجار".
[12] زيادة من أ.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست